Jbeil Elections 2009
تنصب الاهتمامات راهنا بعد إقفال باب الترشيحات على استكمال اللوائح وتذليل العقد الماثلة في وجه اعلانها، وتشهد الساحة الجبيلية تطورات متسارعة بعيدة من الاضواء للملمة اجزاء اللوحة الانتخابية المشتتة التي رسمها 26 مرشحا يتنافسون على ثلاثة مقاعد، بعدما رست البورصة الرسمية على 13 مرشحا مارونيا يتنافسون على المقعدين المارونيين وهم: النائبان وليد الخوري وشامل موزايا، والنواب السابقون ناظم الخوري واميل نوفل وفارس سعيد، فرنسوا باسيل، جان الحواط، سيمون ابي رميا، رفيق ابي يونس، ميشال كرم، فادي روحانا صقر، بسام الهاشم، بشاره ابي يونس.
كما يتنافس عدد مماثل من المرشحين الشيعة على مقعد واحد وهم: النائب عباس هاشم، النائب السابق محمود عواد، مصطفى الحسيني، حكمت الحاج، طلال المقداد، دياب كنعان، محمد حيدر احمد، نعيم شمص، محمد حيدر، رباح ابي حيدر، علي عواد، مشهور حيدر احمد، رامي عليق.
ومع بدء سريان مهلة الاسبوعين لسحب الترشيحات التي تنتهي في منتصف ليل 21 نيسان الجاري، يدخل فريق المستقلين و8 اذار مرحلة التصفيات النهائية باعتبار ان النائب السابق فارس سعيد يخوض معركته ممثلا وحيدا لقوى 14 اذار بعدما نقل عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده ترشيحه من جبيل الى كسروان.
وتتزامن هذه المرحلة مع دخول كافة افرقاء الصراع مخاض تأليف اللوائح الانتخابية وخلط الاوراق في ضوء وجهة المعركة، بمعنى انه اذا اتجهت نحو التسوية بين المستقلين والجنرال ميشال عون على الرغم من ان الاجواء لا توحي بذلك، او نحو المواجهة بين اطراف الصراع، فإن المسار محكوم في كلتا الحالتين بتقديم تنازلات مؤلمة، علما ان سعيد مصمم على خوض المعركة مهما كانت الظروف وليس مستعدا ان يقدم هدايا سياسية مجانية لأي طرف على الرغم من انه يستشعر بحسب اوساطه ان هناك ميلا بعزله عن اللوائح ناتج عن رغبة دفينة غير معلنة لدى فريق المستقلين بمسايرة حزب الله من دون ان يكون هناك تنسيق بينهما، اذ يعتبرون ان سعيد لونه فاقع داخل 14 اذار بسبب مواقفه المتصلبة من حزب الله.
وهذا ما يفسر خارطة طريق المستقلين الذين يحاذرون نسج تحالفات تجعلهم طرفا في المواجهة مع 14 اذار او مع 8 اذار، لذلك فإن حركتهم تتصل بتجميع القوى تحت رايتهم لخوض معركة حقيقية وتشكيل كتلة داعمة للرئيس ميشال سليمان تكون بيضة القبان بين الاصطفافات الحادة وتحول دون تداعياتها وسلبياتها على الحياة السياسية العامة.
من الواضح ان جغرافيا الترشيحات تظهر ثغرات مفتوحة في الجرد الجنوبي بالنسبة الى المستقلين الذين تضم كتلتهم ثلاثة مرشحين هم ناظم الخوري من عمشيت الساحلية وفرنسوا باسيل من الفيدار الساحلية واميل نوفل من ترتج في الجرد الشمالي، ويعاني فريق 14 اذار من ثغرات مماثلة في الساحل حيث ترشح سعيد من قرطبا في الجرد الجنوبي منفردا، فيما يعاني الجنرال عون من اشكالية تلويح بعض حلفائه في الدورة السابقة بدعم الكتلة المستقلة بسبب تفريغ الجرد الجنوبي من التمثيل اذا هو قرر المضي في اللائحة المفترضة التي تم تسريبها الى وسائل الاعلام، ويواجه ايضا الالتباس الحاصل مع الحواط الذي يؤكد على الوعد الذي قطعه له عون بأن يكون على لائحته في العام 2009، وان كان عون قد وجد مخرجا لبقا لهذه المسألة حين سئل في احدى اطلالته الاعلامية من ان هناك تصريحا له يتعهد هذا الموضوع بقوله: هل لديك هذا التصريح علما ان هذا لا يعني ان الحواط ليس مرشحا على اللائحة، وتشير المصادر الى ان ترشيحات تكتل التغيير والاصلاح تغطي جميع المفاصل الاساسية في منطقة جبيل حيث هناك ثلاثة مرشحين ينتسبون الى التيار الوطني الحر وهم: شامل موزايا من ترتج وسيمون ابي رميا من اهمج وبسام الهاشم من العاقورة، وخمس مرشحين من حلفائه في العام 2005 وهم: وليد الخوري من عمشيت وجان الحواط من جبيل ورفيق ابي يونس من العاقورة وميشال كرم وفادي روحانا صقر من قرطبا، وتراهن قيادة هذا التكتل على ان المستقلين اذا تحالفوا مع 14 اذار سيفقدون صفة التوافقية واذا تحالفوا مع قوى سياسية فاقدة لحيثيتها الشعبية فيعني انهم سيخوضون معركة غير متكافئة.
لكن يمكن القول بأن المستقلين قد تمكنوا من جذب بعض القيادات التي كانت الى جانب الجنرال عون في الانتخابات الى صفوفها، ويؤكد النائب السابق اميل نوفل على ان حركة المستقلين هي خارج التكتلات التقليدية المعروفة في لبنان وبالتحديد 8 و14 اذار ولا مجال بالتالي ان تشكل قوة رافدة لاي فريق، وهي تخوض معركتها تحت شعار الاستقلالية والاعتدال وتلتزم بنهج الرئيس سليمان وخطه الوطني المدعوم لبنانيا وعربيا ودوليا.
وعلى الرغم من ان هذه الوقائع ترخي بظلالها على المجريات الانتخابية، فإن مصدرا قياديا في التيار الوطني الحر يقلل من اهمية تأثير الحيثيات المناطقية الضيقة على مسار المعركة الانتخابية لان الخيارات ترتكز على القناعات السياسية وخصوصا ان طموح تكتل التغيير والاصلاح هو تطوير الحياة السياسية لتكون على مساحة الوطن وليس على رقعة صغيرة في اطار منطق التقوقع المناطقي الضيق.
غير ان الاقتراحات التي كانت موضع نقاش لتشكيل لائحة توافقية بين تكتل التغيير والاصلاح والكتلة المستقلة والتي كان من المتوقع ان يكون لها تداعيات على المشهد الانتخابي، يضيف المصدر ذاته، بأن الاقتراحات التي كانت متداولة لم تكن ثابتة بل متحركة ولم تأخذ مداها، لان السبب بسيط ويتعلق بمسألة الالتزام بالتكتل ولا سيما ان المعركة الاساسية لا تتوقف مساء 7 حزيران بل تستمر على مدى الاربع سنوات المقبلة من اجل تغيير الحياة السياسية نحو الافضل وبالتالي لا يمكن للتيار ان يكون رافعة لاحد وايصال اي مرشح الى ساحة النجمة بدون ان يكمل مشواره مع برنامج التكتل في اعادة التوازن الى السلطات الدستورية وتعزيز موقع رئاسة الجمهورية.
في الحصيلة اضحت جبيل منتفخة بالمرشحين الشيعة الذين يتنازعون على 14261 ناخبا شيعيا من مجموع الناخبين الجبيليين الـ 74266 ناخبا، وعكست هذه اللوحة تنافسا داخل هذه الكتلة بفعل ظهور اكثر من مرشح واحد في العائلة ولا سيما من العائلات الكبرى مثل حيدر احمد والمقداد وعواد وبات الشيعة يخوضون انتخابات بأكبر حجم من المشاركة لتصغير حجم المعركة في وسط يستأثر بغالبيته حزب الله الذي يدعم مرشح الجنرال ميشال عون النائب عباس هاشم.
وليست المرة الاولى التي يحصل فيها هذا التفلت في الترشيحات وقد ظهرت ملامحه في انتخابات العام 1992 التي خاضها سبعة مرشحين شيعة لم يكن اي منهم في اي لائحة، وفي العام 1996 التي خاضها 18 مرشحا بينهم سبعة مرشحين شيعة.
ودرج الشيعة كما الموارنة على خوض المعارك والتصويت للوائح، ففي انتخابات 1960 صوت الجبيليون الشيعة لاحمد اسبر في لائحة ريمون اده، وفي انتخابات 1964 صوتوا لعلي الحسيني في لائحة انطون سعيد، وفي انتخابات 1968 و1972 لاحمد اسبر في لائحة ريمون اده، وفي العام 1992 و1996 لمحمود عواد، وفي العام 2000 و2005 لعباس هاشم.
ويفسر مصدر نيابي في قوى 8 اذار وفرة هذه الترشيحات بأنها تهدف الى تخفيف وزن الكتلة الشيعية الناخبة وبالتالي ايجاد ندب داخلها اذ ان بعضهم كان مدفوعا من قوى سياسية محلية او من الرئيس نبيه بري من خلال اجوبته الدبلوماسية التي ترجمت تأييدا لهم حين سألوه عن امكانية خوضهم المعركة او تحسبا لأي طارئ قد يصيب - لا سمح الله - المرشح الوحيد على لائحة الجنرال عون، فيما البعض الاخر ينطبق عليهم القول المأثور «كل يدعى وصله بليلى وليلى في العراق مريضة».
ويجزم المصدر ذاته ان القرار الشيعي لا يمكن ان يكون خارج القرار السياسي الجبيلي العام المتمثل بتأييد الجنرال عون ولن تكون نسبة المؤيدين له اقل مهما بلغ عدد المرشحين ولن تزيد الا طفيفا مهما انخفض عددهم.