الثلوج لامست الجرد الشمالي وصمدت في الأرز والمكمل
لامست الثلوج للمرة الأولى هذا الخريف أبواب بشري واهدن ("النهار") نزولاً الى ارتفاع 900 متر، لكنها لم تصمد طويلاً الا في غابة الأرز الدهرية، صعوداً الى قمم المكمل وذلك في عاصفة قال المعمرون أنهم لم يروا مثيلاً لها منذ أعوام طويلة ترافقت مع تدنٍ في درجات الحرارة وضباب كثيف سيطر على الجرود طوال النهار وأعاق الرؤية.
وخلال النهار، تساقطت أمطار غزيرة على المرتفعات فأسالت الثلوج الصباحية وأدت الى انهيارات كبيرة على الطرق وفي الحقول، وحولت الشوارع بركاً، حتى ان نبع مار سركيس في اهدن فاض وغمرت مياهه أحد المقاهي المجاورة، كذلك غمرت السيول الحقول المزروعة تفاحاً وإجاصاً في المناطق الزراعية في البلدة، وسجلت انهيارات على الطرق الداخلية.
في غضون ذلك، تجددت الانهيارات في اجبع وسبعل على طريق عام زغرتا – اهدن. وعمل المتعهد المهندس جيلبر مرعب، بناء على ايعاز من وزير الأشغال العامة غازي العريضي، على ازالة التربة والوحول من الطرق حفاظاً على السلامة العامة، ومنعاً لحصول حوادث سير، خصوصاً أن الانهيارات كانت قد أقفلت قسماً كبيراً من الطريق وأبقته سالكاً على خط واحد.
وعند السواحل، فاضت مجاري المياه الشتوية وارتفع منسوب نهر ابو علي وغمرت مياه الأمطار والسيول سهول الزيتون في زغرتا والكورة، وصولاً الى المناطق الأخرى في رشعين والجوار والمزروعة بالليمون والحمضيات على انواعها.
وأفيد عن وقوع حوادث سير متفرقة على الطرق نتيجة الوحول والحجارة التي خلفتها السيول.
وفي عكار ("النهار")، تساقطت الامطار بغزارة محولة الطرق بحيرات، مما انعكس سلبا على حركة المرور، لا سيما عند مداخل بلدة حلبا ومستديرة العبدة - مدخل عكار الجنوبي. وافاد مزارعون من الامطار لري مزروعاتهم الشتوية، في حين تضررت بيوت بلاستيكية والمزروعات فيها بفعل الرياح، لا سيما في مناطق ببنين ووادي الجاموس وسهل عكار.
كذلك، ادت غزارة الامطار الى ارتفاع منسوب مياه انهر الاسطوان والكبير والبارد. ولاحقا، شهدت المنطقة انفراجا نسبيا، وظهرت اقواس القزح في السماء، بينما غطى الضباب القسم الاكبر من المرتفعات الجبلية.
والقت العاصفة بظلالها على طرابلس ومحيطها ("النهار")، وصولا الى منطقة الضنية، فهطلت امطار غزيرة، واشتدت الرياح، وتدنت الحرارة. وكانت الحصيلة تحوّل شوارع طرابلس بحيرات عميقة اوقعت السيارات في فخها، الى اضرار جسيمة في المزروعات خصوصاً في المنية والبداوي والميناء. كذلك، سجل انهيار جدار على ضفة نهر ابو علي على طريق طرابلس - الضنية - زغرتا.
وقد استنفرت ورش عمال اتحاد بلديات الفيحاء لفتح المجارير من اجل تصريف السيول المتراكمة، فيما انهمكت عناصر مفرزة سير طرابلس في تسهيل حركة السير بعد تعطل سيارات عدة في وسط الطرق وتسببها بازدحام خانق.
وأدت الانهيارات الصخرية الى قطع الطريق الرئيسي بين بلدتي القمامين- قبعيت في جرود الضنية، بحيث تعذر على الاهالي عبوره بسياراتهم وآلياتهم، مما دفع بهم إلى محاولة فتحه جزئيا بأنفسهم بمعدات وآلات يدوية، وخصوصا أنه الطريق الوحيد الذي يربطهم بالخارج. كذلك، غمرت مياه الأمطار النفق عند مدخل بلدة دير عمار، على الطريق الدولي الرئيسي الذي يربط طرابلس بالمنية وعكار فسوريا، فأغلقته، بعدما تعذر على قنوات تصريف المياه إستيعاب كميات المياه الهاطلة.
وعملت الورش الفنية التابعة لبلدية دير عمار واتحاد بلديات المنية على شفط المياه من النفق، وتنظيفه من الرواسب والأتربة التي تراكمت فيه.
واغتنمت الطيور المهاجرة هدوء الطقس لترسم لوحة طبيعية في سماء بعلبك ("النهار") وتزين هياكل قلعتها ومعابدها، وتحلق ساعات بين اشجار بساتينها على علو مخفوض. وجذب هذا المشهد عددا من السياح في القلعة الذين عمدوا الى التقاط صور لها. الا ان "غدر" نيران بعض الاهالي زرع حسرة في القلوب، وخصوصا بعدما اصابت احد الطيور الذي هوى ارضا، وكان ذلك كافياً لتكمل البقية هجرتها بتحليق عال.
وشرّع جبل الشيخ قممه امام الامطار الغزيرة والرياح القوية، واستراحت منطقة وادي التيم والعرقوب ("النهار") تحت زخات سخية من المطر. وفي وقت سجل عدد من المزارعين مزيدا من الخسائر في مزروعاتهم، رأى سكان في المنطقة منفعة زراعية في هذه "العناية الطبيعية" التي لا تقدر بثمن. وعادت الحياة الى شلالات الحاصباني، نذير خير بمستقبل واعد.
وفي منطقة مرجعيون، عملت قوة "اليونيفيل" على سحب السيول من البركة التي كانت اقامتها قرب عبارة كفركلا، ونقلتها بواسطة صهاريج تابعة للكتيبة الاسبانية الى مرج الخيام لافراغها، وذلك تنفيذا لاتفاق سابق كانت ابرمته بين لبنان واسرائيل بهدف حل مشكلة تصريف المياه التي تتجمع في البساتين الاسرائيلية المحاذية للحدود اللبنانية قرب بلدة كفركلا.
ويشار الى ان المياه كانت شكلت ازمة العام الماضي، على اثر قيام اسرائيل بضخها من البساتين الاسرائيلية نحو بلدة كفركلا، حيث دخلت الى المنازل وأتلفت المزروعات.
وخلفت العاصفة اضرارا جسيمة في الممتلكات والطرق العامة والحقول والبساتين في عدد من المناطق الجنوبية. وأحدثت السيول بركا مائية عند مثلث حاروف - الدوير، وقرب محطة آبار فخر الدين وعلى طريق النبطية - آبار فخر الدين، وعلى طريق عام الدوير - أنصار. وادى سقوط شجرة صنوبر معمرة الى اقفال طريق عام الدوير، قبل ان ترفعها جرافة تابعة لبلدية الدوير وتفتح مجددا الطريق امام السيارات.
كذلك، اصيبت شبكتا الكهرباء والهاتف باعطال في الدوير وعدد من قرى النبطية وبلداتها. الا انه لم يتم اصلاحها بسبب اضراب العمال المياومين في شركة الكهرباء. وسجل ايضا الآتي: اجتياح السيول مجمع سمير وهبي لقطع السيارات في حي المشاع في النبطية، تضرر لوحات اعلانات على الطرق، تراكم ردميات واوساخ على جسر الست زبيدة مما عرقل عبور السيارات والاليات، تعطل سنترال الهاتف في بلدات عربصاليم وجرجوع واللويزة، وتضرر مشاتل مزروعات وورود في وطى عبا وجبشيت، وخيم زراعية في زوطر الشرقية وزوطر الغربية وميفدون والقصيبة عدشيت وأنصار.
ولم توفر العاصفة مرفأ الصيادين في الجية الذي لا يزال قيد الانشاء. وأدى ارتفاع الامواج الى غرق 9 مراكب من 27 ترسو فيه. وعمل الصيادون، يساندهم صيادو ساحل الشوف وعناصر وحدة الانقاذ البحري في الدفاع المدني، على سحب المراكب من قاع البحر عبر رافعة كبيرة.
وفي الشوف ("النهار")، سجلت انهيارات عدة على عدد من الطرق العامة. وحولت الامطار الغزيرة بعض الشوارع بركا وانهراً وبعض الاراضي بحيرات، لا سيما في بعقلين. وادت الصواعق الى انقطاع التيار الكهربائي عن عدد كبير من القرى. وتضررت ايضا مزروعات وخيم بلاستيكية.
وفي جزين ("النهار")، عطلت الصواعق العديد من الأجهزة الالكترونية في المنازل، وأثرت على شبكة الأنترنت. وغمرت السيول الطرق العامة على نحو غير مسبوق، وتسببت بانزلاق التربة وببعض الانهيارات للصخور على عدد من الطرق، بينما فاضت السواقي والأنهر.
Ziad Mikhael Akl
15 years ago