حين تتحول النسبية في اللجان الى ترف فكري
ديانا سكيني- صدى البلد
معظم نواب اللجان النيابية الثلاث المكلفة مناقشة مشروع قانون الانتخابات البلدية خلال ١٥ يوماً، يحملون معهم الى إجازة نهاية الأسبوع نسخة عن المشروع ونسخة عن مذكرة إجابات وزارة الداخلية عن الأسئلة الأربعين. والمشاكسون الفكريون منهم يحملون نسخاً عن دراسات خبراﺀ إنتخابيين (تُنقح باستمرار) يجتهدون فيها يومياً في النقد الايجابي أو السلبي للمشروع المطروح بآليته النسبية والكوتا الجندرية وغيرها من التعديلات.
فالنقاش الحيوي الذي تشهده اللجان يحث النواب المترددين، إنطلاقا ربما من يقينهم من كلمة سر ما تشي بتطيير محسوم للصيغة النسبية، على الانخراط في الورشة العلمية ولو من "باب الترف الفكري"، كما يقول أحدهم.
تقول المعلومات ان وزير الداخلية والبلديات زياد بارود اقترح في الأمس خلال اجتماعات اللجان ان يتم التوافق على السير بالتأجيل التقني لمدة شهر ليصار الى التخلص من عبﺀ الوقت الذي يخيم على نقاشات الإصلاحات في اللجان لتزامنها مع اقتراب مواعيد الاستحقاقات الدستورية. المعلومات أيضا لا تشي بأي تحرك داخل المجلس لتسريع اقرار قانون التأجيل التقني المطلوب او التمديد للمجالس البلدية مع اقتراب انتهاﺀ ولاية بعضها.
ثمة حديث عن تسريع للنقاشات تمهيدا لخطى عملية ملحة ابتداﺀ من نهار الاثنين المقبل حين سيصار الى الغوص في تفاصيل مواد مشروع القانون بعدما استغرقت جلسات اليومين الماضيين في العموميات وآليات عمل اللجان والتنسيق فيما بينها.
يقول النائب في تكتل الاصــلاح والتغيير فريد الــخــازن فــي حديث لـ "صدى البلد" أن مــداولات اليومين الماضيين في اللجان النيابية ركزت على استفسارات عامة عن مضامين مــشــروع الــقــانــون فــي حــضــور وزيــر الداخلية الــذي قــدم مذكرة تجيب على كثير من الإستفهامات لكنها ليست كافية للاجابة عن التفاصيل الاســاســيــة الــتــي لــم يــبــدأ الغوص فيها بعد.
وعن أجــواﺀ اليومين الماضيين، يجيب الخازن: اشتمل مشروع القانون على مقترحات سهلة لا تحوم حولها اشكاليات، الا أن آلية تطبيق النسبية والكوتا الجندرية بدتا النقطتين الأكثر حاجة الى التوغل في تفاصيل تطبيقهما.
ولا يرى دكتور العلوم السياسية في الجامعة الأميركية أن "التوأمة بين اقرار الاصلاحات المتفق عليها واجراﺀ الانتخابات في موعدها مهمة مستحيلة، فذلك ممكن من خلال تكثيف اعــمــال المجلس النيابي واللجوﺀ الى تأجيل تقني اذا استدعى الأمر، ذلك أن لا شيﺀ يمنع من حصول الانتخابات في موعدها في ظل غياب اسباب سياسية وامنية موجبة او ازمات طارئة". ويبدي يقينه بأن "لا شيﺀ يمنع اقرار الاصلاح في المجلس على الرغم من ضيق الوقت".
مــن جــهــتــه، يــكــرر الــنــائــب في كتلة حــزب الكتائب فـــادي الهبر لـ "صدى البلد" موقف حزبه الداعم لتطبيق النسبية مع اعتماد الصوت التفضيلي. والمؤيد لاجراﺀ الانتخابات فــي موعدها بما هــي "استحقاق دســتــوري مــتــمــاهٍ مــع مــبــدأ تـــداول السلطات، خصوصا مع بــروز ضــرورة التغيير في المجالس البلدية انسجاما مع التغيير السياسي المستجد بعد العام "2005. من هنا"، تبرز اهمية اجــراﺀ الانتخابات في موعدها سواﺀ تم الاتفاق على الاصلاحات بكاملها، او على الممكن منها، او عبر اعتماد القانون القديم". وينوه باصرار" قوى سياسية اساسية ورئيس الجمهورية على اجــراﺀ الانتخابات في موعدها "مضيفا" في نهاية المطاف ربما يصار الــى إعتماد القانون القديم معدلا بادخال الكوتا عليه".
أمــا جهوزية الــقــوى السياسية لــخــوض الانــتــخــابــات الــبــلــديــة في موعدها، فـ "ليست بالمعضلة انطلاقا من الجهوزية الرسمية المتجسدة في تحضيرات وزارة الداخلية الجارية على قدم وساق".
أحد النواب المشاركين في أعمال الــلــجــان يجيب عــن انــطــبــاعــه حــول اليومين الماضيين مختارا المدخل التالي: النسبية المطروحة تشتمل على ملامح أكثرية تجرد الصيغة من جوهرها. فيها اشكاليات متعلقة باللوائح المقفلة وترتيب الأسماﺀ وغيرها وغيرها.. يصمت لبرهة قبل ان يروي نهفة مواطن مسنّ في قريته يصعب عليه ان يتخلى عن عادته في التشطيب في كل انتخابات واختيار الأوادم "من هون وهونيك".
ينقل النائب أسئلة دارت في اللجان من شبيه مدى احترام النسبية للتوازن الطائفي في القرى المختلطة.
أما الكوتا فتبقى في نظره "تمييزاً أرفضه كوني من محبذي وصول المرأة بجهدها الــى المناصب". ويخلص: الهواجس كثيرة والأسئلة أكثر.
نائب آخــر يسجل انطباعه عن اليومين الأولين اللذين تم خلالهما نــقــاش الاصـــلاحـــات "انــطــبــاعــي ان النسبية تحولت الــى تــرف فكري" كيف؟ "يعني عملية تثقيفية للنواب . هناك من هو عارف بآليتها وهناك من يستعصي عليه الامر وآخر يدعي معرفة تفاصيلها وعند استيضاحه يعود الى زميل او الى التمعن في الورقة". ويستنتج أن "العملية تحتاج الــى وقــت حتى أن الشهر التقني لن يكون بمقدوره تأمين جهوزية سياسية وشعبية ذهنية ولوجستية تحصن التجربة من الشوائب التي قد تمرغها في الوحول وتجعلنا نحاذر طــرحــهــا مستقبلا فــي الانــتــخــابــات البلدية".
فجأة تتخذ نبرة النائب الحزبي وتيرة أكثر جدية وهو يردد "الاصلاح لا يمكن أن يتم بالمقلوب وبالتشويه" مضيفا "لا يعقل ان تتم مناقشة مشروع القانون في مجلس الــوزراﺀ لأشهر ويقر بتوافق سياسي وبالتالي يتم حشر المجلس النيابي في مدى زمنية قصيرة لدراسته"، وبالعامية نــــورد مــا يــردفــه "شـــو هالتكتيك المفضوح كان بدا حبكة أكتر". ويقر النائب بــأن "الحديث عــن امكانية اجراﺀ الانتخابات وفقا للقانون القديم بدأ يتخذ منحى جديا بخلاف المناخ الــســيــاســي الــــذي كـــان ســائــدا في الاشهر الماضية والذي كانت تحكمه توجسات كثيرة مرتبطة بالعلاقة اللبنانية السورية وبالتموضعات الداخلية المستجدة وبامكانية حصول حرب اسرائيلية".
أما الرواية المضحكة المبكية فتكمن في "وزير يُشاع انه عارف بــالامــور صــوت على الــمــشــروع في مجلس الوزراﺀ دون ان يفهمه كما يعترف بنفسه".