تميم عبدالله جاد: ترقبوا محللي الاسواق المالية في دبي-2015

 

ديانا سكيني

 

منذ خروج أزمة دبي المالية الى العلن، برزت وجهتان حادتان في التعاطي معها. الأولى رصدت في الأزمة النُذر الأكيدة لأفول نجم دبي- النموذج الاقتصادي الذي أثار عدوى التنمية الإقتصادية "الانفتاحية" لدى دول الجوار، متوقعة عدم تمكن الإمارة الشهيرة من الخروج من قمقم ديون "مجموعة دبي المالية". أما الثانية، فعمدت الى التقليل من أهمية الأزمة مستخدمة في أحيان كثيرة هجوما دفاعيا يُلحق ابعاداً سياسية واقتصادية بكل تحليل أو تصريح يروّج لمقولة تهاوي "أحد أبرز الابراج الخليجية المالية" الذي وُصف في القرن الماضي بأنه جسر عبور ممكن بين التقليد والحداثة.

 

 بين الوجهتين "المبالغتين"، تجلت الحاجة الــى قــراﺀة هادئة لمسببات الأزمـــة وتفاعلاتها الــواقــعــيــة غير المضخمة، خصوصا وأن من تحدث عن إنهيار يستحيل معه النهوض من جديد ثبُت مع مرور الوقت خطأ نظريته حيث تشهد الإمارة هذه الأيام عودة مقبو لة للمستثمر ين ا لخليجيين والأجانب، بالإضافة الى سيْر الحكومة بمشاريع ضخمة أساسية وأبرزها البنى التحتية التي من شأنها تثبيت أرضية المستقبل. كما أن مشهد العمالة العائدة الى بلادها بسبب الأزمة لم يرقَ ليعبر عن ظاهرة حقيقية حيث لم ترصد العين مشهد آلاف العمال العائدين الى بلادهم مع خيبتهم كما بنت توقعات البعض. القراﺀة الواقعية تشي بأن "لا توقعات في عالم المال والأســـواق"، سائلة عن الاصــرار على المماهاة الغير واقعية بين الازمــة المالية العالمية وأزمة ديون دبي.

فحين لا تتجاوز ديون "مجموعة دبـــي الــعــالــمــيــة" سبعة وخمسين مليار دولار في الوقت الــذي تقيّم أصول الإمارة بأكثر من مئة وعشرين مليار دولار "، لا يعود توصيف الأزمة على أنها" ازمة سيولة عابرة "مجافيا للحقيقة. أمــا حين تنخفض ديون" مجموعة دبــي للفترة القادمة إلى اثنين وعشرين مليار دولار "فقد يصح القول أن أزمــة" مجموعة دبي العالمية في طريقها إلى الحل". لكن هــل تسقط هــذه الحقيقة ضــرورة إستخلاص عبر التجربة القاسية؟

يعيد الخبير الــمــالــي ومــؤســس مجموعة أرزاق المالية تميم عبد الله جاد ردة فعل الأسواق المالية الدولية المبالغ فيها تجاه دبي الى "عنصر المفاجأة الــذي أربــك الأســواق التي تناست بأن التوقعات في عالم المال والأعــمــال ليست دائــمــاً على حــق "، معتبراً أن" الخطأ الفادح الذي سقط كثر فيه يكمن فــي تجاهل الآثــار الايجابية لنموذج دبي الاقتصادي المتنوع في العقود الماضية على دول الجوار".

"هل كان يجب على حكومة دبي وضــع قائمة توضيحية يومية على صفحات الجرائد بالأصول وإستثمارات" مجموعة دبي العالمية "المحلية منها و الدولية وتوضيح التكلفة الفعلية لــلاســتــثــمــارات والــقــيــمــة السوقية الحقيقية الحالية"؟ ســؤال يطرحه جــاد قبل ان يسرد الــفــوارق الكبيرة بين معالم الازمــة المالية العالمية وازمة دبي، خالصا الى ان ما شهدته الامارة يعبّر عن "أزمة سيولة عابرة لا أزمة افلاس اقتصادي كما هو حاصل في بعض بلد أوروبي كاليونان".

لكن ماذا عن حقيقة الوضع المالي اليوم في دبــي؟ "لقد تلخصت أزمة" مجموعة دبــي العالمية "بديون لا تتجاوز سبعة وخمسين مليار دولار في الوقت الذي قيّمت أصولها وفي خضم الأزمة المالية العالمية بأكثر من مئة وعشرين مليار دولار. كما أن معظم أصول المجموعة داخل الامارة تعبّر عن مشاريع مستقبلية ذات بنية تحتية متميزة قلما تجدها في دول منطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن الاستثمارات الخارجية المتواجدة في محافظ إستثمارية مختلفة عقارية وسياحية. وفي مقابل ذلك انحصرت عملية هيكلة الديون لـ" مجموعة دبي المالية "فــي مشروعين عقاريين: " نخيل "و" استثمار "كونهما أكثر المتضررين من أزمة الديون. خلاف ذلــك فــإن المشاريع الأخــرى تحقق نتائج مرضية".

لقد تلقت دبي من حكومة أبو ظبي دعما ماليا بلغ عشرة مليارات دولار. انــخــفــضــت مــعــهــا ديـــون "مجموعة دبــي" للفترة القادمة إلــى اثنين وعشرين مليار دولار.

وتعتقد حكومة أبو ظبي أن دبيْ ليست في حاجة إلى دعم آخر نظراً للارتياح الــذي أرخـــاه هــذا الدعم لدى بنوك دبي وبنوك أخرى أعلنت إستعدادها لشراﺀ سندات حكومة دبي. كما أنه من الممكن مساهمة بنوك أبو ظبي في هذا السياق.

ويعتقدُ تميم جاد الــذي خبرَ تحسُن الوضع الإستثماري على الارض مــن خــلال خــطــوة الاقـــدام على افتتاح فرع لـــ "أرزاق المالية" فــي الامـــارة ان "تحسن الأســـواق المالية العالمية يتيح لـ" مجموعة دبي "عملية بيع تدريجي للأصول وبــأســعــار جــيــدة فــي حـــال رغبت بــذلــك "، علما ان" أصــول مجموعة دبي العالمية تساوي قرابة أربعة أضعاف الديون الخاضعة للهيكلة ما يسهل توفير الموارد المالية لسداد الديون "مستقبلا.

يرى الخبير المالي أن الأســواق المالية العالمية أغفلت خلال حصر تقييمها للواقع الاقتصادي الراهن فــي دبـــي حــجــم خــطــة مــشــروعــات البنى التحتية للسنوات الخمس القادمة في دبي والتي تقدر عملية تمويلها بأكثر من مئتي وخمسين مليار دولار.

الى ذلك، احتلت دبي ثالث أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم.

كما ازدادت تكلفة تمويل قطاع الشحن البحري لأكثر من الضعف خلال العام وارتفعت وتيرة تمويلات البنوك لهذا النوع من النشاط. ولقد تضمن تقرير صندوق النقد الدولي الأخير عن دولة الامارات إشادة كبيرة باقرار حكومة دبي لنظام الاعسار المالي الجديد وحرص حكومة دبي على المحافظة على حقوق دائني "مجموعة دبي العالمية" واحترامها لجميع التزاماتها التعاقدية مع الدائنين. وتوقع الصندوق وصول الــفــائــض الــمــالــي لــدولــة الامـــارات إلى نمو 10% من الناتج المحلي الاجمالي للعام، 2010 وأن يتحول الحساب الجاري الخارجي إلى فائض بنسبة 7% مــن الــنــاتــج المحلي الاجمالي.

ويبني جــاد على المعطيات السالفة ليؤكد يقينه بــأن أزمــة "مجموعة دبي العالمية" في طريقها إلى الحل الجذري". لكن يبقى" ان تستفيد من عبر التجربة بالتماهي مع توجه سياسات النمو المستدام والمتوازن الذي تبنته حكومة دبي للسنوات المقبلة".

ويــخــلــص الـــى تــوجــيــه الــدعــوة التالية: لنراقب عن كثب كيفية عودة دبي مركزا ماليا دوليا معتمدا على ذخيرة البنية التحتية المميزة الــتــي راكــمــهــا خـــلال الــســنــوات العشر الماضية في الميادين كافة.

ولاثبات صحة الرهان "ترقبوا محللي الأسواق المالية العالمية في دبي -