17 مليون عاطل العالم العربي غالبيتهم من الشباب
أظهر تقرير صدر عن منظمة العمل العربية (دجء) أخيرا وجود ما لا يقل عن (17) مليون عاطل عن العمل في العالم العربي ، مما يعني ان المطلوب من البلدان العربية العمل على توفير (3,9) مليون فرصة عمل سنوياً فضلاً عن كون ثلث العاملين من الفقراء.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان "التشغيل والبطالة في البلدان العربية... التحدي والمواجهة" وأعده مدير منظمة العمل العربية (ALO) احمد لقمان - وكان محور النقاش الرئيس خلال مؤتمر العمل العربي في دورته الـ (35 ) الذي اختتمت اعماله مطلع الشهر الحالي في شرم الشيخ المصرية - الى "أن هذه الأرقام تعد من التحديات التي تواجه قطاع العمل في البلدان العربية".
وعزا لقمان سبب اختيار مشكلة البطالة الى تحوّلها الى "مرض مزمن وشامل ، لم يبق أي بلد عربي في منأى عنه نتيجة تغيّرات دولية وإقليمية عميقة ، معظمها من آثار العولمة الطاغية".
وعرض لقمان في تقريره حجم فرص العمل المطلوب استهدافه من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العقد المقبل ، موضحاً أن القـــوى العـــاملة العربية "تنـــمو بمعدل 3,1 % سنوياً أسرع من معدل نمو السكان البالغ 2 % أو معدل نمو السكان في سن العمل 2,8% ، ما يحتم إيجاد 3,9 مليون فرصة عمل جديدة سنوياً".
واعتبر أن تأمين فرص العمل ليس كافياً من حيث العدد ، لأن "نوع العمل لا يقل أهمية عن إيجاد العمل ذاته ، كي لا يؤدي توفير فرص عمل غير مناسبة الى إيجاد ظاهرة أخرى لا تقل أهمية عن البطالة ذاتها ، وهي فقر المشتغلين أنفسهم".
وأشــار التقرير إلى أن معدل البطالة عربــياً وصل إلى (14%) ، مخلفاً وراءه "أكثر من 17 مليون عاطل من العمل ، غالبيتهم من الشباب وهو الأعلى بين الإناث أيضاً ، خصوصا بين المتعلمين سواء كانوا رجالاً أو إناثاً".
واعتبر التقرير أن طغيان مشكلة العولمة برز في هذه المرحلة ، على رغم أنها ليست جديدة ، من خلال "ظواهر تتمثل بعولمة النشاط المالي واندماج أسواق المال ، وتوسع دور الشركات المتعددة الجنسية وخدمة الاقتصاد الجديد للعولمة ، وتراجع دور الدولة".
ورأى أن سعي البلدان العربية إلى الاندماج في العولمة من دون دراسة "أدى إلى ترسيخ اقتصادات السوق وآلياته وهو فرض على الدول إصلاحات تأثرت بها عمليات التشغيل وفرصه ، بعدما أدى الاندماج الى منح القطاع الخاص دوراً كبيراً قبل أن ينضج في بلدان عربية كثيرة ، وتعرض هو الآخر الى تحديات منافسة عاتية لم يكن مستعداً لها... كما تراجعت الحكومات عن التشغيل وانسحبت تدريجياً من قطاع الإنتاج ، وقاومت خفض إنفاقها الاجتماعي الذي التزمت به وباتت الدول داعمة لمظلة الأمان الاجتماعي ، كي لا تواجه هذه الإصلاحات بإضرابات اجتماعية منشؤها البطالة والفقر".
وبين التقرير انه على الرغم من أن هذه الإصلاحات تهيئ الأجواء لمرحلة عصيبة ، إلا أنها "تعد بالخير وتنذر في الوقت ذاته بتردي الأوضاع" ، في إشارة إلى أن أبرز آثار هذه الإصلاحات "تراجع القطاع العام والحكومة عن التوظيف بتسريح مئات الآلاف من العمال ، وتهيئة المناخ للاستثمارات الأجنبية ، وحرية رأس المال والتكنولوجيا ، وسقوط حرية تنقل العمال"... ونتيجةً للعولمة ، تأزَّم وضع الاستخدام وتفاقمت البطالة ، ما دعا رؤساء عرباً إلى اعتبار مشكلة البطالة "أولوية".
وتناول التقرير تحديات التوظيف والبطالة وأثر التطورات الاجتماعية في التشغيل ، خصوصاً :( الصحة والتعليم والتدريب والأجور والدخل وعلاقتها بإنتاجية العمل) ، وتطرق الى التطورات الاقتصادية عربياً في السنوات الماضية ، وما تميزت به من نمو اقتصادي مرتفع أثر إيجاباً في إيجاد مزيد من فرص العمل ، لكنه أبقى في الوقت ذاته على أسوأ مستويات البطالة بين مختلف مناطق العالم. وفي هذا السياق تعرض التقرير الى نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة المؤثرة في عمليات التشغيل ، والى التدفقات المالية نحو المنطقة العربية مثل (استثمار أجنبي مباشر أو معونات تنمية أو تحويلات مهاجرين) ، وهي تمثل "موارد يُتوقع أن تؤمن فرص عمل" - بحسب ما اورده التقرير.
وعلى الرغم من وجود "شبهة غنى موهوم" في المنطقة العربية ، كما وصفها التقرير ، واحتمال صحته في دول معينة ، إلا أن هذا الغنى "ما زال كامناً ينتظر الاستغلال الاقتصادي الأمثل والتعاون العربي في إطار عقلاني مثمر من تبادل المصالح" . ونوه الى عدم وجوب الاكتفاء بـ "كم" العمل في مقابل "نوعـــه" ، فى إشـــارة الى أن العمال الفقراء في الـــدول العربية يمثلون "ثلث القوى العامــلة فيـــها" ، وهي ظاهرة "لا تقل أهمية عن عـــدم وجود العمل ذاته" ، حيث شدد التقرير في هذا الإطار على عدم إغفال الحوار المجتمعي لدى تطبيق الإصلاحات" ، مؤكدا ضرورة "معالجة مشكلة تدني الإنتاجية لدى الحديث عن مشكلة التشغيل".
ولخّص التقرير التحديات التي تواجه دعم التوظيف والحد من البطالة في الدول العربية ، وأبرزها "نمو معدلات العرض على حساب الطلب في شكل لافت ، لأسباب ديمغرافية واجتماعية ، وتركز البطالة بين الشباب خصوصاً بين الإناث لأسباب منها الأمنية" ، كما لاحظ وجود تحديات كبيرة لإصلاح التعليم والتدريب وتطوير النشاطات الاقتصادية ، واشار الى بقاء ضعف الإنتاجية "تحدياً رئيساً لدى مناقشة قضية البطالة"فيما تمثل التطورات والحروب والاعتداءات الأجنبية القائمة أو المحتملة أكثر المعوقات في التنمية" .
واوضح التقرير في ختامه أن البطالة "همّّ مشترك يكمن حلها في تعاون عربي أوثق" ، ووجوب أن"تساهم منظمة العمل العربية في الإعداد للقمة الاقتصادية المرتقبة في الكويت العام المقبل ، وعقد مؤتمر عربي يجمع أطراف الإنتاج والفاعلين الاقتصاديين حول التشغيل".