نبذة تاريخيّة عن شير لحفد

 

كان الأمير بشير الشهابي مكلّفاً من الوالي العثماني عبدالله باشا بجباية الضريبة من فلاحي منطقة جبل لبنان. ولكن الأمير بشير أراد أن يجبي الضريبة مرتين. فرفض الفلاحون ذلك واجتمعوا للمرّة الأولى في انطلياس تحت شعار: "مالاً واحداً وليس مالين". وقد عرف اجتماعهم الشهير ب "عاميّة انطلياس" وذلك سنة 1820 وكان قد اجتمع في العاميّة فلاحون من جميع الطوائف. ولم يستطع  الأمير بشير،يومها، أن يجني الضريبة إلا أنّه لم يتخلّ عن هدفه هذا وظلّ يلاحق الفلاحين حتّى حاصرهم في شير لحفد سنة 1821 . وقد عرف تجمّع الفلاحين في لحفد ب "عاميّة لحفد" وقد اتّخذ منحىً ملحميّاً تاريخيّاً.

 

وإليكم ما حدث على ظهر شير لحفد:

 

( المرجع: كتاب "القصّة هي الحصّة" للدكتور وليد صليبي )

 

" كان العاميّون متجمّعين في موقع مرتفع في الجهة الشمالية من قرية لحفد وهو كناية عن ضهر شير ذي مساحة واسعة وله مدخلان أحدهما مكشوف حصّنه العاميّون ومنعوا عساكر الأمير من الوصول إليه، ومدخل سرّي مخفي ترك بدون تحصين ولا رقابة. وكانت عساكر الأمير مجهزة بأسلحة كثيرة ومتطوّرة نسبيّاً بالقياس للإسلحة التي كانت في حوزة "العاميين" وكذلك كانت الجبخانة والمؤن متوفرة لديها. بينما لم يكن لدى "العاميين" سوى بواريد من نوع يسمى "بندق بوفتيل" كما أن الجبخانة كانت غير متوفرة لديهم. لكنهم مع هذا حاربوا لكن الخيانة كانت أحد الأسباب التي أفشلت انتفاضة الفلاحين. فقد اطلع بعض الأفراد من لحفد الأمير بشير على الممر السرّي لشير العاميّة حيث استخدمته عساكر بشير وانقضّت على العاميين من الوراء وتمكنت من تطويقهم وأصبحوا أمام أمرين فأما أن يرموا أنفسهم من على الشير العالي أو يقاتلوا بما تبقّى لديهم من مال وذخيرة. وفضل العديد منهم رمي أنفسهم على أن يستسلموا لعسكر الأمير. وقد استعمل عسكر الأمير أشد أنواع التنكيل قساوة "بالعاميين" وبلغ عدد القتلى من "العاميين" المئات. (1)

 

 

وعن معركة لحفد ورد أيضاً عند الأمير حيدر الشهابي أنه "عندما صعد العسكر الى ظهر الشير ابتدى القتل في العاميين والبعض ارتموا من ضهر الشير الى اسفل فماتوا والبعض قتلهم عسكر الأمير ذبحاً وطاردوهم مدّة ساعة ولما غربت الشمس رجع عسكر الامير منصوراً وتشتت "العاميون" في الوادي وقد مات منهم ما يفوق الماية وخمسين من دون المجاريح أو الذين قبض عليهم. وكان الأمير يعطي كل عسكري يقدم له رأساً أو شخصاً مربوطاً خمسة وعشرين قرشاً" (2)

 

(1) يوسف خطار الحلو، العاميّات الشعبية

 

(2) الأمير حيدر الشهابي، لبنان في عهد الأمراء الشهابيين

 

Best,

Sandy B. Mteirek