حق انتظر سنين تعميم ... وتعميم انتظر جراءة وزير

حق انتظر سنين تعميم ... وتعميم انتظر جراءة وزير. بارود: جواز شطب القيد الطائفي احتراماً لحرية الاختيار

السي مفرج –

هي حرية المعتقد المكرسة بشكلٍ مطلق بالمادة التاسعة من الدستور اللبناني والمؤسسة للدولة اللبنانية،

هي حرية الاختيار المقدسة بشرعة حقوق الانسان وبسائر المعاهدات الحقوقية الدولية،

هو حق من حقوق المواطنين بعدم التصريح عن قيدهم الطائفي أو بشطبه عن سجلات نفوسهم،

حق انتظر سنين تعميم وتعميم انتظر جراءة وزير يؤمن بحرية وحق الاختيار...

حرية الاعتقاد المطلقة بالدستور

هو تعميم صادر عن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود موجه إلى المديرية العامة للاحوال الشخصية ومتعلق بجواز شطب المواطنين للقيد الطائفي عن سجلات نفوسهم وقبول عدم التصريح به. اما ابرز المرتكزات الحقوقية والقانونية والدستورية التي انطلق منها بارود لاصدر هذا التعميم فهي:

- المادة التاسعة من الدستور اللبناني التي كرست حرية الاعتقاد وجعلتها، من بين مختلف الحريات التي كفلها الدستور، الوحيدة التي لها طابع الإطلاق

- الفقرة "ب" من مقدمة الدستور التي تنص على التزام لبنان مواثيق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي يكرس في مادته الثامنة عشرة حق "كل شخص في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق تغيير ديانته أو عقيدته (...)"

- الرأي الصادر عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل (رقم 276/2007 تاريخ 5/7/2007)، أعلى المراجع الحقوقية في الدولة اللبنانية، الذي يجيز شطب القيد الطائفي عن سجلات النفوس وعدم التصريح به

انطلاقاً من هذه المرتكزات أصدر بارود التعميم كون حرية الاعتقاد المكفولة دستوريا تنطوي على حق الانتماء أو عدم الانتماء الى طائفة ما، وكذلك حق التصريح أو عدم التصريح عن هذا الانتماء في قيود الأحوال الشخصية وشطبه وتعديله. ويقول بارود بذلك انه "يلغي الالتباس القائم حول بطاقة الهوية التي لم يعد يذكر عليها القيد الطائفي فيما ما زال مسجلاً على سجلات النفوس".

لا موقف من الطوائف

إذاً من حق كل انسان ان يختار التصريح عن طائفته او عدمه لكنه "ليس موقفاً من الطوائف" يؤكد بارود الذي يقول: "ان من يشطب قيده الطائفي لا يشطب علاقته مع ربه ولا تواصله مع طائفته، فشطب ذكر الطائفة عن سجل النفوس لا يمنع صاحب العلاقة من التواصل مع طائفته".

لا يمكن بالتالي ان يفهم من هذا التعميم اي موقف من الطوائف، لكن الطائفية تتربص له. فرغم ان لا انعكاس سلبي على من يختار شطب قيده الطائفي او عدم التصريح به ورغم أن التعميم لا يتعارض مع اي قانون لبناني، إلا أن آليات الترشح الى الانتخابات النيابية والتعيين في مراكز الفئة الاولى ما زالت مقيدة بالقيود الطائفية. بارود، الذي رفض استباق اي موقف قانوني رسمي من هذه الاشكالية، وعد برفع القضية امام مجلس شورى الدولة أو أمام هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل.

التعميم ... وبناء الدولة المدنية

هو مجرد تعميم اعاق لسنين حقوق شريحة كبيرة من اللبنانيين بالاختيار. بارود لم يستغرب تأخر صدور التعميم في وقت تتأخر فيه تطبيق القوانين ويقول: "هذه القرارات تنتظر من يؤمن بها لتصدر".

فهل تساهم مثل هذه الخطوات في بناء الدولة المدنية القائمة على اسس المواطنية التي ينتظرها من انتظر التعميم؟ "ما بدي كبر الحجر تَ ما يعود يصيب" يقول بارود، ويضيف: "كل ما يتعلق بالغاء الطائفية السياسية يدخل ضمن إطار الجهود الساعية لتطبيق المادة 95 من الدستور، أما هذا التعميم فيأتي في إطار تشكيل المناخ العام المشجع لقيام الدولة المدنية، الذي تدخل من ضمنه أيضاً الجهود من أجل قيام زواج مدني اختياري في لبنان".

إذاً لا يرتبط التعميم بالضرورة بالغاء الطائفية السياسية "بل يكرس بشكل اساسي حرية وحق المواطنين بالاختيار" يؤكد بارود، ويضيف: "في بلد متنوع مثل لبنان للجميع مصلحة بصون حرية الاختيار وهذا التعميم يدخل في إطار تدعيمها". ولكل من إختار شطب قيده الطائفي أن يتوجه إلى لجنة القيد الخاصة بمنطقته بكتابٍ خطي لاستبدال اسم الطائفة بإشارة "/".