فرانسيس غاي مودّعة في «تموزها»: اللبناني يعيش كل يوم بيومه

إضاءة بريطانية مختلفة في لبنان. لعلّه الوصف الأدق للسفيرة فرانسيس غاي المغادرة في نهاية الشهر عائدة الى لندن، وتحديداً الى وزارة الخارجية البريطانية من دون أن تسلّم مهمة في بلد جديد بعد لبنان.
سيجد خليفتها طوم فليتشر الآتي من خبرة باريسية ومن مركز مستشار لرئيسي وزراء هما غوردون براون ودايفيد كاميرون صعوبة في كسب قلوب اللبنانيين وعقولهم كما كسبتها غاي، لأن هذه السفيرة استطاعت أن تكسر حواجز نفسية ودينية وسياسية عجزت عنها ديبلوماسية بلدها المرتبط اسمه دوماً بوعد غير مقدّس هو «وعد بلفور» وبالمواقف المسبقة من قضايا المنطقة.
فرانسيس غاي التي تركت بصماتها الإنسانية في أماكن قد يظن بعضهم أنها مغلقة على بعض الغرب، تمكّنت بابتسامتها وسماحتها أن تخرق القلوب والمؤسسات. في 4 أعوام ونصف العام من إقامتها في لبنان لفتت الأنظار الى عناوين عدّة، أهمها احترام حقوق المعوق. تقول في حفل تكريمي لها اقامته جمعية «المبرات» ومؤسسة «الهادي»: لقد تأثّرْتُ كثيراً بالجمْعيّات اللُبنانية التي عَمِلَت جاهدةً لِمُساعدة مَن هُم أقلّ حظّاً في الاستمرار بِكَرامة. وأَحَد الأماكن المُميّزة الأولَى الّتي زُرْتُها كانت مؤسّسة الهادي للإعاقة السمعيّة والبصريّة وما زِلْتُ أحْتَفِظُ باللوحة التي سُمِحَ لي أنْ أخْتَارَها على حائِطِ مَكْتبي.
في الكثير من الأحْيَان يَسْألُني زُوّاري مِمّنْ هُم دَقِيقو المُلاحظة عن مَصْدَر هذه الّلوحة ومَنْ رَسَمَها. تِلْكَ هي التعَابير الّتي يُحَقّقُهَا تلاميذُكم حَيْثُ أنّ مُعْظمهم يَعْتَقد أنّ فنّاناً مَشْهوراً قَام بِرَسْمِها. أفْتَخِرُ كثيراً حِين أقولُ لَهُم مَن رَسَمها. سَآخُذ الّلوحة معي إذا سَمَحْتُم وسأَتذكّر دائماً الْفَرَح الّذي وجَدّتُهُ لدى مُؤسّسَة الهادي».
الإتصالات في اليمن أفضل من لبنان!
«كنت أحلم بزيارة لبنان»، تستخدم غاي كلمة «الحلم» متحدثة عن «بلد الأرز» الذي سمعت به وهي طالبة في معهد اللغة العربية في دمشق في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الحوادث الداخلية فيه منعتها كما سواها من الأجانب من زيارة ربوعه، الى أن جاء عام 2004 حين دعاها أحد اللبنانيين العاملين في اليمن، حيث كانت سفيرة، الى جولة سياحية في لبنان، عادت بعدها لتطلب من وزارة الخارجية تعيينها سفيرة في بيروت. كان من المتوقع تسلّمها مركزها الجديد في أواسط شهر تموز 2006، لكن في 12 منه وفي ما كانت تتناول الغداء مع سفير لبنان في لندن آنذاك جهاد مرتضى وقعت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، ليتأجل قدومها الى تشرين الأول من العام ذاته، ولتشهد فظاعة الجرائم التي وقعت بحق لبنان وشعبه.
«أدهشني تبدل الأحوال وبسرعة من حال السلام والإزدهار الى الحرب، وتكررت دهشتي حين عاينت الدمار والخراب الذي عم لبنان من تهديم للقرى ونسف للجسور وللبنى التحتية من الضاحية الى بنت جبيل، حيث شاهدت قرى بأكملها وقد دمرت، وبعد عامين فقط عاينت حركة إعادة البناء، فرأيت بنت جبيل مثلا مدينة جديدة مختلفة عمّا كانت عليه عام 2006!». تضيف السفيرة غاي: «هذا شيء إيجابي، لا يمكن أن ننزع من لبنان هذه النعمة وإرادة اللبناني في البناء مجدداً».
ولكن... تقولها غاي بغصة قبل أن تكمل عبارتها: «ولكن في الجانب السياسي يطلب الناس الكهرباء والطرقات والإتصالات، وكل ما يتعلق بحياتهم اليومية. إنطباعي كشخص آت من اليمن بأن الاتصالات في لبنان أسوأ بكثير مما كانت هناك، ولغاية اليوم لا فارق بين البلدين! ربما تكون شبكة الإنترنت قد تحسنت بشكل طفيف، لكنه تحسن لا يرقى الى مستوى التقدم في العالم. إن لبنان الذي يعتبر بلداً متقدماً من هذه النواحي هو فعلياً بلد متأخر».
لفتت غاي الأنظار أثناء وجودها في لبنان الى مواضيع عدة منها الدفاع عن حقوق المثليين، الى قضية المعوقين فكان تشجيع للشركات بتوظيف نسبة معينة من المعوقين كما ينص القانون اللبناني نفسه، «لا أستطيع القول إننا حصلنا على نتيجة ممتازة لكننا حاولنا».
كذلك اهتمت بوضع المرأة الاجتماعي، وتقول في تقييمها: «وضع المرأة هنا مختلط ومتناقض، فقد نالت قسطا من حقوقها في الحياة اليومية حيث تتمتع بحرية ليست موجودة في كثير من البلدان، ولديها حياة حقيقية حتى لو كانت عزباء أو أرملة وهذا أمر غير موجود في اليمن مثلاً حيث المرأة تبقى في المنزل إن كانت بلا رجل».
تضيف: «المجتمع اللبناني يحترم المرأة الى حدّ ما، ولكن إذا نظرنا الى الحياة السياسية نجد أنه لدينا حكومة بلا وجوه نسائية، وماذا يقول السياسيون؟ يقولون إنهم لم يجدوا امرأة بالمستوى المطلوب! أنا آسفة... هذا غير ممكن وغير مقبول وغير صحيح البتّة. لأن في لبنان منظمات غير حكومية كثيرة ومنظمات اجتماعية هي عصب مهم للبلد في ظل دولة ضعيفة، هذه الحركة بغالبيتها ترأسها نساء وليس رجالاً. وبالتالي النساء هنّ عصب هذا البلد، وعندما يقول رئيس الوزراء إنه لا توجد امرأة بالمستوى المطلوب، فهذا غير صحيح».
على نقيض رأي الحكومة البريطانية، تؤيد غاي وجود «كوتا» نسائية في الإنتخابات النيابية، «لأنها قادرة على تحطيم الحواجز الموجودة». وهل تنتقص من قيمة المرأة؟ تجيب غاي: «من الممكن ذلك نظرياً وفلسفياً، لكن فعلياً إذا لم يعطِ الناس فرصة للمشاركة فعليهم انتزاعها، في بريطانيا يرشح حزب العمال مثلا العدد ذاته من النساء والرجال، هذه المرة شجع المحافظون أيضاً المرأة للتقدم في صفوف الحزب، في حالات مماثلة لا حاجة لـ«الكوتا» النسائية، أما في لبنان حيث الأحزاب لا تعمد البتة إلى تشجيع تقدّم المرأة فالأمر يبدو ضرورياً».
الرياضة بالنسبة إليها نمط حياة، تردد: «العقل السليم في الجسم السليم». تمارس الرياضة وخاصة السباحة منذ أيام المدرسة، «الرياضة تساعد الناس على التفكير، خصوصاً في الصباح حيث يتأمل الناس في يومهم. كما أن المشاركة في الماراتون مع الناس أمر جميل إذ يركض الإنسان مع كل المستويات الموجودة في المجتمع وهذا أمر جيّد جدّاً».
تضحك كثيراً ومن أعماقها عندما تسألها إن كانت نسجت صداقات مع سياسيين لبنانيين وتقول: «هذا سؤال صعب»! وتكمل: «نعم لدي بعض الصداقات لكنني لن أقدم تفاصيل عنها!».
آخر الإنطباعات السياسية
عن رأيها بالسياسيين، تقول غاي «هنالك أشخاص جيدون جداً لديهم خبرة ممتازة، وهم يشتغلون بشكل جيد، لقد عاصرت 5 حكومات وفي كل حكومة رأيت أناساً جيدين وآخرين ليسوا بالمستوى المطلوب».
ترى أن العقبة الرئيسة أمام تقدم لبنان تكمن في أن «اللبناني يجد صعوبة في وضع رؤية طويلة الأمد لبلده، وربما لذلك جانب إيجابي إذ يعيش الناس كلّ يوم بيومه، لكن هذه النظرة البعيدة ضرورية للحكومات اللبنانية، حيث الحاجة إلى مخططات للمستقبل، ولسوء الحظ لم أر ذلك عند أية حكومة من تلك التي عاصرتها، واللافت للانتباه تعاقب 4 أو 5 حكومات في غضون 4 أعوام وهذا يقول كل شيء، إذ دون هذا الاستقرار في السياسة من الصعب البحث في مشاريع بعيدة للمستقبل، وهذه مشكلة أساسية».
تغادر غاي لبنان كما أتته في شهر تموز وهو غير مستقر لا بل يقف على بركان المحكمة الدولية بعد صدور القرار الاتهامي، تقرأ غاي التشنج الموجود حاليا بقولها: «ارى أن ثمة هدوءاً موجود وهذا جيد، بمعنى أنه لا توجد ردود فعل عنيفة حيال القرار الذي صدر. كنا نتوقع وقوع صدام عنفي في الشارع وهذا لم يحصل وأعتبره أمراً إيجابياً. نحن نطلب تعاوناً جدّياً مع المحكمة الدولية، أعترف أن الموضوع حساس، وهذه أيضاً مشكلة لبنان، فإذا لم نعترف بكل السيئات التي وقعت في الماضي لا يمكننا أن نبني الدولة الجديدة في المستقبل».
تضيف غاي: «أعتبر المحكمة نقطة بسيطة ضمن مجموعة متطلبات ينبغي الاعتراف بها وكشفها وهي أكبر من المحكمة وتعود الى حقبة الحرب اللبنانية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قضية المعتقلين في السجون السورية وقضية المخطوفين والمفقودين وأيضاً المقابر الجماعية التي نعرف موقع بعضها من دون أن نتجرأ على القول ما حصل بالضبط».
وعن الخطر الذي يواجهه لبنان في حال حصول تعارض مع المجتمع الدولي تقول غاي: «أعتقد أنه من الأفضل التفكير بأن الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي ستتعاون في شأن المحكمة الدولية مع المجتمع الدولي».
طالما اهتمت السفيرة غاي بالحوار المسيحي الإسلامي، وعما إذا كانت ترى بأن الغرب المسيحي بدأ يفهم العالم العربي على نحو أفضل تقول: «أنا لا أعتقد أنه حصلت تغيرات كثيرة في مستوى نظرة الناس في الغرب بشكل عام، لكن يمكن القول إنه مع بدء الثورات في العالم العربي يمكن أن ترسخ صورة أكثر إيجابية له عند الغربيين. هذا لا يعني أن هؤلاء باتوا يفهمون الإسلام والعالم العربي بشكل عميق وذلك يتطلب تبادلاً أكثر في الإتجاهين، لأن ثمة أناساً هنا ايضاً يفكرون بأن الغرب سيئ لأنه تدخل في بعض البلدان، وهذا ليس بصحيح».
ستشتاق غاي بعد مغادرتها الى «الضيافة اللبنانية والى الناس الودودين والمحبين وهذا شيء موجود في بلدان أخرى، لكن ليس بالمستوى نفسه»، تضيف: «لا يوجد بلد ثانٍ في العالم العربي على غرار لبنان، هناك أمور مختلفة كثيرة في هذا البلد الصغير يمكن اكتشافها يومياً، فأنا مثلا مشـيت في «درب الجبل» من جـزين الى القبيات وقوامها 400 كلم، كنت أخصص وقتاً لهذا الأمر في الأعوام الثلاثة الماضية، هذه السـنة اشـتركت مع أختي وأصدقاء في المشي في شمالي لبنان حول منطقة القبيات واكتشفت مناظر لم أعهدها في لبنان قبلاً، وهذه المنطقة لا تبعد من بيروت أكثر من ساعتين، وإذا قصدها اي لبناني سيجد نفسه في مكان مختلف تماماً».

  رجوع
إضاءة بريطانية مختلفة في لبنان. لعلّه الوصف الأدق للسفيرة فرانسيس غاي المغادرة في نهاية الشهر عائدة الى لندن، وتحديداً الى وزارة الخارجية البريطانية من دون أن تسلّم مهمة في بلد جديد بعد لبنان.
سيجد خليفتها طوم فليتشر الآتي من خبرة باريسية ومن مركز مستشار لرئيسي وزراء هما غوردون براون ودايفيد كاميرون صعوبة في كسب قلوب اللبنانيين وعقولهم كما كسبتها غاي، لأن هذه السفيرة استطاعت أن تكسر حواجز نفسية ودينية وسياسية عجزت عنها ديبلوماسية بلدها المرتبط اسمه دوماً بوعد غير مقدّس هو «وعد بلفور» وبالمواقف المسبقة من قضايا المنطقة.
فرانسيس غاي التي تركت بصماتها الإنسانية في أماكن قد يظن بعضهم أنها مغلقة على بعض الغرب، تمكّنت بابتسامتها وسماحتها أن تخرق القلوب والمؤسسات. في 4 أعوام ونصف العام من إقامتها في لبنان لفتت الأنظار الى عناوين عدّة، أهمها احترام حقوق المعوق. تقول في حفل تكريمي لها اقامته جمعية «المبرات» ومؤسسة «الهادي»: لقد تأثّرْتُ كثيراً بالجمْعيّات اللُبنانية التي عَمِلَت جاهدةً لِمُساعدة مَن هُم أقلّ حظّاً في الاستمرار بِكَرامة. وأَحَد الأماكن المُميّزة الأولَى الّتي زُرْتُها كانت مؤسّسة الهادي للإعاقة السمعيّة والبصريّة وما زِلْتُ أحْتَفِظُ باللوحة التي سُمِحَ لي أنْ أخْتَارَها على حائِطِ مَكْتبي.
في الكثير من الأحْيَان يَسْألُني زُوّاري مِمّنْ هُم دَقِيقو المُلاحظة عن مَصْدَر هذه الّلوحة ومَنْ رَسَمَها. تِلْكَ هي التعَابير الّتي يُحَقّقُهَا تلاميذُكم حَيْثُ أنّ مُعْظمهم يَعْتَقد أنّ فنّاناً مَشْهوراً قَام بِرَسْمِها. أفْتَخِرُ كثيراً حِين أقولُ لَهُم مَن رَسَمها. سَآخُذ الّلوحة معي إذا سَمَحْتُم وسأَتذكّر دائماً الْفَرَح الّذي وجَدّتُهُ لدى مُؤسّسَة الهادي».
الإتصالات في اليمن أفضل من لبنان!
«كنت أحلم بزيارة لبنان»، تستخدم غاي كلمة «الحلم» متحدثة عن «بلد الأرز» الذي سمعت به وهي طالبة في معهد اللغة العربية في دمشق في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الحوادث الداخلية فيه منعتها كما سواها من الأجانب من زيارة ربوعه، الى أن جاء عام 2004 حين دعاها أحد اللبنانيين العاملين في اليمن، حيث كانت سفيرة، الى جولة سياحية في لبنان، عادت بعدها لتطلب من وزارة الخارجية تعيينها سفيرة في بيروت. كان من المتوقع تسلّمها مركزها الجديد في أواسط شهر تموز 2006، لكن في 12 منه وفي ما كانت تتناول الغداء مع سفير لبنان في لندن آنذاك جهاد مرتضى وقعت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، ليتأجل قدومها الى تشرين الأول من العام ذاته، ولتشهد فظاعة الجرائم التي وقعت بحق لبنان وشعبه.
«أدهشني تبدل الأحوال وبسرعة من حال السلام والإزدهار الى الحرب، وتكررت دهشتي حين عاينت الدمار والخراب الذي عم لبنان من تهديم للقرى ونسف للجسور وللبنى التحتية من الضاحية الى بنت جبيل، حيث شاهدت قرى بأكملها وقد دمرت، وبعد عامين فقط عاينت حركة إعادة البناء، فرأيت بنت جبيل مثلا مدينة جديدة مختلفة عمّا كانت عليه عام 2006!». تضيف السفيرة غاي: «هذا شيء إيجابي، لا يمكن أن ننزع من لبنان هذه النعمة وإرادة اللبناني في البناء مجدداً».
ولكن... تقولها غاي بغصة قبل أن تكمل عبارتها: «ولكن في الجانب السياسي يطلب الناس الكهرباء والطرقات والإتصالات، وكل ما يتعلق بحياتهم اليومية. إنطباعي كشخص آت من اليمن بأن الاتصالات في لبنان أسوأ بكثير مما كانت هناك، ولغاية اليوم لا فارق بين البلدين! ربما تكون شبكة الإنترنت قد تحسنت بشكل طفيف، لكنه تحسن لا يرقى الى مستوى التقدم في العالم. إن لبنان الذي يعتبر بلداً متقدماً من هذه النواحي هو فعلياً بلد متأخر».
لفتت غاي الأنظار أثناء وجودها في لبنان الى مواضيع عدة منها الدفاع عن حقوق المثليين، الى قضية المعوقين فكان تشجيع للشركات بتوظيف نسبة معينة من المعوقين كما ينص القانون اللبناني نفسه، «لا أستطيع القول إننا حصلنا على نتيجة ممتازة لكننا حاولنا».
كذلك اهتمت بوضع المرأة الاجتماعي، وتقول في تقييمها: «وضع المرأة هنا مختلط ومتناقض، فقد نالت قسطا من حقوقها في الحياة اليومية حيث تتمتع بحرية ليست موجودة في كثير من البلدان، ولديها حياة حقيقية حتى لو كانت عزباء أو أرملة وهذا أمر غير موجود في اليمن مثلاً حيث المرأة تبقى في المنزل إن كانت بلا رجل».
تضيف: «المجتمع اللبناني يحترم المرأة الى حدّ ما، ولكن إذا نظرنا الى الحياة السياسية نجد أنه لدينا حكومة بلا وجوه نسائية، وماذا يقول السياسيون؟ يقولون إنهم لم يجدوا امرأة بالمستوى المطلوب! أنا آسفة... هذا غير ممكن وغير مقبول وغير صحيح البتّة. لأن في لبنان منظمات غير حكومية كثيرة ومنظمات اجتماعية هي عصب مهم للبلد في ظل دولة ضعيفة، هذه الحركة بغالبيتها ترأسها نساء وليس رجالاً. وبالتالي النساء هنّ عصب هذا البلد، وعندما يقول رئيس الوزراء إنه لا توجد امرأة بالمستوى المطلوب، فهذا غير صحيح».
على نقيض رأي الحكومة البريطانية، تؤيد غاي وجود «كوتا» نسائية في الإنتخابات النيابية، «لأنها قادرة على تحطيم الحواجز الموجودة». وهل تنتقص من قيمة المرأة؟ تجيب غاي: «من الممكن ذلك نظرياً وفلسفياً، لكن فعلياً إذا لم يعطِ الناس فرصة للمشاركة فعليهم انتزاعها، في بريطانيا يرشح حزب العمال مثلا العدد ذاته من النساء والرجال، هذه المرة شجع المحافظون أيضاً المرأة للتقدم في صفوف الحزب، في حالات مماثلة لا حاجة لـ«الكوتا» النسائية، أما في لبنان حيث الأحزاب لا تعمد البتة إلى تشجيع تقدّم المرأة فالأمر يبدو ضرورياً».
الرياضة بالنسبة إليها نمط حياة، تردد: «العقل السليم في الجسم السليم». تمارس الرياضة وخاصة السباحة منذ أيام المدرسة، «الرياضة تساعد الناس على التفكير، خصوصاً في الصباح حيث يتأمل الناس في يومهم. كما أن المشاركة في الماراتون مع الناس أمر جميل إذ يركض الإنسان مع كل المستويات الموجودة في المجتمع وهذا أمر جيّد جدّاً».
تضحك كثيراً ومن أعماقها عندما تسألها إن كانت نسجت صداقات مع سياسيين لبنانيين وتقول: «هذا سؤال صعب»! وتكمل: «نعم لدي بعض الصداقات لكنني لن أقدم تفاصيل عنها!».
آخر الإنطباعات السياسية
عن رأيها بالسياسيين، تقول غاي «هنالك أشخاص جيدون جداً لديهم خبرة ممتازة، وهم يشتغلون بشكل جيد، لقد عاصرت 5 حكومات وفي كل حكومة رأيت أناساً جيدين وآخرين ليسوا بالمستوى المطلوب».
ترى أن العقبة الرئيسة أمام تقدم لبنان تكمن في أن «اللبناني يجد صعوبة في وضع رؤية طويلة الأمد لبلده، وربما لذلك جانب إيجابي إذ يعيش الناس كلّ يوم بيومه، لكن هذه النظرة البعيدة ضرورية للحكومات اللبنانية، حيث الحاجة إلى مخططات للمستقبل، ولسوء الحظ لم أر ذلك عند أية حكومة من تلك التي عاصرتها، واللافت للانتباه تعاقب 4 أو 5 حكومات في غضون 4 أعوام وهذا يقول كل شيء، إذ دون هذا الاستقرار في السياسة من الصعب البحث في مشاريع بعيدة للمستقبل، وهذه مشكلة أساسية».
تغادر غاي لبنان كما أتته في شهر تموز وهو غير مستقر لا بل يقف على بركان المحكمة الدولية بعد صدور القرار الاتهامي، تقرأ غاي التشنج الموجود حاليا بقولها: «ارى أن ثمة هدوءاً موجود وهذا جيد، بمعنى أنه لا توجد ردود فعل عنيفة حيال القرار الذي صدر. كنا نتوقع وقوع صدام عنفي في الشارع وهذا لم يحصل وأعتبره أمراً إيجابياً. نحن نطلب تعاوناً جدّياً مع المحكمة الدولية، أعترف أن الموضوع حساس، وهذه أيضاً مشكلة لبنان، فإذا لم نعترف بكل السيئات التي وقعت في الماضي لا يمكننا أن نبني الدولة الجديدة في المستقبل».
تضيف غاي: «أعتبر المحكمة نقطة بسيطة ضمن مجموعة متطلبات ينبغي الاعتراف بها وكشفها وهي أكبر من المحكمة وتعود الى حقبة الحرب اللبنانية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قضية المعتقلين في السجون السورية وقضية المخطوفين والمفقودين وأيضاً المقابر الجماعية التي نعرف موقع بعضها من دون أن نتجرأ على القول ما حصل بالضبط».
وعن الخطر الذي يواجهه لبنان في حال حصول تعارض مع المجتمع الدولي تقول غاي: «أعتقد أنه من الأفضل التفكير بأن الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي ستتعاون في شأن المحكمة الدولية مع المجتمع الدولي».
طالما اهتمت السفيرة غاي بالحوار المسيحي الإسلامي، وعما إذا كانت ترى بأن الغرب المسيحي بدأ يفهم العالم العربي على نحو أفضل تقول: «أنا لا أعتقد أنه حصلت تغيرات كثيرة في مستوى نظرة الناس في الغرب بشكل عام، لكن يمكن القول إنه مع بدء الثورات في العالم العربي يمكن أن ترسخ صورة أكثر إيجابية له عند الغربيين. هذا لا يعني أن هؤلاء باتوا يفهمون الإسلام والعالم العربي بشكل عميق وذلك يتطلب تبادلاً أكثر في الإتجاهين، لأن ثمة أناساً هنا ايضاً يفكرون بأن الغرب سيئ لأنه تدخل في بعض البلدان، وهذا ليس بصحيح».
ستشتاق غاي بعد مغادرتها الى «الضيافة اللبنانية والى الناس الودودين والمحبين وهذا شيء موجود في بلدان أخرى، لكن ليس بالمستوى نفسه»، تضيف: «لا يوجد بلد ثانٍ في العالم العربي على غرار لبنان، هناك أمور مختلفة كثيرة في هذا البلد الصغير يمكن اكتشافها يومياً، فأنا مثلا مشـيت في «درب الجبل» من جـزين الى القبيات وقوامها 400 كلم، كنت أخصص وقتاً لهذا الأمر في الأعوام الثلاثة الماضية، هذه السـنة اشـتركت مع أختي وأصدقاء في المشي في شمالي لبنان حول منطقة القبيات واكتشفت مناظر لم أعهدها في لبنان قبلاً، وهذه المنطقة لا تبعد من بيروت أكثر من ساعتين، وإذا قصدها اي لبناني سيجد نفسه في مكان مختلف تماماً».

  رجوع
مارلين خليفة
إضاءة بريطانية مختلفة في لبنان. لعلّه الوصف الأدق للسفيرة فرانسيس غاي المغادرة في نهاية الشهر عائدة الى لندن، وتحديداً الى وزارة الخارجية البريطانية من دون أن تسلّم مهمة في بلد جديد بعد لبنان.
سيجد خليفتها طوم فليتشر الآتي من خبرة باريسية ومن مركز مستشار لرئيسي وزراء هما غوردون براون ودايفيد كاميرون صعوبة في كسب قلوب اللبنانيين وعقولهم كما كسبتها غاي، لأن هذه السفيرة استطاعت أن تكسر حواجز نفسية ودينية وسياسية عجزت عنها ديبلوماسية بلدها المرتبط اسمه دوماً بوعد غير مقدّس هو «وعد بلفور» وبالمواقف المسبقة من قضايا المنطقة.
فرانسيس غاي التي تركت بصماتها الإنسانية في أماكن قد يظن بعضهم أنها مغلقة على بعض الغرب، تمكّنت بابتسامتها وسماحتها أن تخرق القلوب والمؤسسات. في 4 أعوام ونصف العام من إقامتها في لبنان لفتت الأنظار الى عناوين عدّة، أهمها احترام حقوق المعوق. تقول في حفل تكريمي لها اقامته جمعية «المبرات» ومؤسسة «الهادي»: لقد تأثّرْتُ كثيراً بالجمْعيّات اللُبنانية التي عَمِلَت جاهدةً لِمُساعدة مَن هُم أقلّ حظّاً في الاستمرار بِكَرامة. وأَحَد الأماكن المُميّزة الأولَى الّتي زُرْتُها كانت مؤسّسة الهادي للإعاقة السمعيّة والبصريّة وما زِلْتُ أحْتَفِظُ باللوحة التي سُمِحَ لي أنْ أخْتَارَها على حائِطِ مَكْتبي.
في الكثير من الأحْيَان يَسْألُني زُوّاري مِمّنْ هُم دَقِيقو المُلاحظة عن مَصْدَر هذه الّلوحة ومَنْ رَسَمَها. تِلْكَ هي التعَابير الّتي يُحَقّقُهَا تلاميذُكم حَيْثُ أنّ مُعْظمهم يَعْتَقد أنّ فنّاناً مَشْهوراً قَام بِرَسْمِها. أفْتَخِرُ كثيراً حِين أقولُ لَهُم مَن رَسَمها. سَآخُذ الّلوحة معي إذا سَمَحْتُم وسأَتذكّر دائماً الْفَرَح الّذي وجَدّتُهُ لدى مُؤسّسَة الهادي».
الإتصالات في اليمن أفضل من لبنان!
«كنت أحلم بزيارة لبنان»، تستخدم غاي كلمة «الحلم» متحدثة عن «بلد الأرز» الذي سمعت به وهي طالبة في معهد اللغة العربية في دمشق في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الحوادث الداخلية فيه منعتها كما سواها من الأجانب من زيارة ربوعه، الى أن جاء عام 2004 حين دعاها أحد اللبنانيين العاملين في اليمن، حيث كانت سفيرة، الى جولة سياحية في لبنان، عادت بعدها لتطلب من وزارة الخارجية تعيينها سفيرة في بيروت. كان من المتوقع تسلّمها مركزها الجديد في أواسط شهر تموز 2006، لكن في 12 منه وفي ما كانت تتناول الغداء مع سفير لبنان في لندن آنذاك جهاد مرتضى وقعت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، ليتأجل قدومها الى تشرين الأول من العام ذاته، ولتشهد فظاعة الجرائم التي وقعت بحق لبنان وشعبه.
«أدهشني تبدل الأحوال وبسرعة من حال السلام والإزدهار الى الحرب، وتكررت دهشتي حين عاينت الدمار والخراب الذي عم لبنان من تهديم للقرى ونسف للجسور وللبنى التحتية من الضاحية الى بنت جبيل، حيث شاهدت قرى بأكملها وقد دمرت، وبعد عامين فقط عاينت حركة إعادة البناء، فرأيت بنت جبيل مثلا مدينة جديدة مختلفة عمّا كانت عليه عام 2006!». تضيف السفيرة غاي: «هذا شيء إيجابي، لا يمكن أن ننزع من لبنان هذه النعمة وإرادة اللبناني في البناء مجدداً».
ولكن... تقولها غاي بغصة قبل أن تكمل عبارتها: «ولكن في الجانب السياسي يطلب الناس الكهرباء والطرقات والإتصالات، وكل ما يتعلق بحياتهم اليومية. إنطباعي كشخص آت من اليمن بأن الاتصالات في لبنان أسوأ بكثير مما كانت هناك، ولغاية اليوم لا فارق بين البلدين! ربما تكون شبكة الإنترنت قد تحسنت بشكل طفيف، لكنه تحسن لا يرقى الى مستوى التقدم في العالم. إن لبنان الذي يعتبر بلداً متقدماً من هذه النواحي هو فعلياً بلد متأخر».
لفتت غاي الأنظار أثناء وجودها في لبنان الى مواضيع عدة منها الدفاع عن حقوق المثليين، الى قضية المعوقين فكان تشجيع للشركات بتوظيف نسبة معينة من المعوقين كما ينص القانون اللبناني نفسه، «لا أستطيع القول إننا حصلنا على نتيجة ممتازة لكننا حاولنا».
كذلك اهتمت بوضع المرأة الاجتماعي، وتقول في تقييمها: «وضع المرأة هنا مختلط ومتناقض، فقد نالت قسطا من حقوقها في الحياة اليومية حيث تتمتع بحرية ليست موجودة في كثير من البلدان، ولديها حياة حقيقية حتى لو كانت عزباء أو أرملة وهذا أمر غير موجود في اليمن مثلاً حيث المرأة تبقى في المنزل إن كانت بلا رجل».
تضيف: «المجتمع اللبناني يحترم المرأة الى حدّ ما، ولكن إذا نظرنا الى الحياة السياسية نجد أنه لدينا حكومة بلا وجوه نسائية، وماذا يقول السياسيون؟ يقولون إنهم لم يجدوا امرأة بالمستوى المطلوب! أنا آسفة... هذا غير ممكن وغير مقبول وغير صحيح البتّة. لأن في لبنان منظمات غير حكومية كثيرة ومنظمات اجتماعية هي عصب مهم للبلد في ظل دولة ضعيفة، هذه الحركة بغالبيتها ترأسها نساء وليس رجالاً. وبالتالي النساء هنّ عصب هذا البلد، وعندما يقول رئيس الوزراء إنه لا توجد امرأة بالمستوى المطلوب، فهذا غير صحيح».
على نقيض رأي الحكومة البريطانية، تؤيد غاي وجود «كوتا» نسائية في الإنتخابات النيابية، «لأنها قادرة على تحطيم الحواجز الموجودة». وهل تنتقص من قيمة المرأة؟ تجيب غاي: «من الممكن ذلك نظرياً وفلسفياً، لكن فعلياً إذا لم يعطِ الناس فرصة للمشاركة فعليهم انتزاعها، في بريطانيا يرشح حزب العمال مثلا العدد ذاته من النساء والرجال، هذه المرة شجع المحافظون أيضاً المرأة للتقدم في صفوف الحزب، في حالات مماثلة لا حاجة لـ«الكوتا» النسائية، أما في لبنان حيث الأحزاب لا تعمد البتة إلى تشجيع تقدّم المرأة فالأمر يبدو ضرورياً».
الرياضة بالنسبة إليها نمط حياة، تردد: «العقل السليم في الجسم السليم». تمارس الرياضة وخاصة السباحة منذ أيام المدرسة، «الرياضة تساعد الناس على التفكير، خصوصاً في الصباح حيث يتأمل الناس في يومهم. كما أن المشاركة في الماراتون مع الناس أمر جميل إذ يركض الإنسان مع كل المستويات الموجودة في المجتمع وهذا أمر جيّد جدّاً».
تضحك كثيراً ومن أعماقها عندما تسألها إن كانت نسجت صداقات مع سياسيين لبنانيين وتقول: «هذا سؤال صعب»! وتكمل: «نعم لدي بعض الصداقات لكنني لن أقدم تفاصيل عنها!».
آخر الإنطباعات السياسية
عن رأيها بالسياسيين، تقول غاي «هنالك أشخاص جيدون جداً لديهم خبرة ممتازة، وهم يشتغلون بشكل جيد، لقد عاصرت 5 حكومات وفي كل حكومة رأيت أناساً جيدين وآخرين ليسوا بالمستوى المطلوب».
ترى أن العقبة الرئيسة أمام تقدم لبنان تكمن في أن «اللبناني يجد صعوبة في وضع رؤية طويلة الأمد لبلده، وربما لذلك جانب إيجابي إذ يعيش الناس كلّ يوم بيومه، لكن هذه النظرة البعيدة ضرورية للحكومات اللبنانية، حيث الحاجة إلى مخططات للمستقبل، ولسوء الحظ لم أر ذلك عند أية حكومة من تلك التي عاصرتها، واللافت للانتباه تعاقب 4 أو 5 حكومات في غضون 4 أعوام وهذا يقول كل شيء، إذ دون هذا الاستقرار في السياسة من الصعب البحث في مشاريع بعيدة للمستقبل، وهذه مشكلة أساسية».
تغادر غاي لبنان كما أتته في شهر تموز وهو غير مستقر لا بل يقف على بركان المحكمة الدولية بعد صدور القرار الاتهامي، تقرأ غاي التشنج الموجود حاليا بقولها: «ارى أن ثمة هدوءاً موجود وهذا جيد، بمعنى أنه لا توجد ردود فعل عنيفة حيال القرار الذي صدر. كنا نتوقع وقوع صدام عنفي في الشارع وهذا لم يحصل وأعتبره أمراً إيجابياً. نحن نطلب تعاوناً جدّياً مع المحكمة الدولية، أعترف أن الموضوع حساس، وهذه أيضاً مشكلة لبنان، فإذا لم نعترف بكل السيئات التي وقعت في الماضي لا يمكننا أن نبني الدولة الجديدة في المستقبل».
تضيف غاي: «أعتبر المحكمة نقطة بسيطة ضمن مجموعة متطلبات ينبغي الاعتراف بها وكشفها وهي أكبر من المحكمة وتعود الى حقبة الحرب اللبنانية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قضية المعتقلين في السجون السورية وقضية المخطوفين والمفقودين وأيضاً المقابر الجماعية التي نعرف موقع بعضها من دون أن نتجرأ على القول ما حصل بالضبط».
وعن الخطر الذي يواجهه لبنان في حال حصول تعارض مع المجتمع الدولي تقول غاي: «أعتقد أنه من الأفضل التفكير بأن الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي ستتعاون في شأن المحكمة الدولية مع المجتمع الدولي».
طالما اهتمت السفيرة غاي بالحوار المسيحي الإسلامي، وعما إذا كانت ترى بأن الغرب المسيحي بدأ يفهم العالم العربي على نحو أفضل تقول: «أنا لا أعتقد أنه حصلت تغيرات كثيرة في مستوى نظرة الناس في الغرب بشكل عام، لكن يمكن القول إنه مع بدء الثورات في العالم العربي يمكن أن ترسخ صورة أكثر إيجابية له عند الغربيين. هذا لا يعني أن هؤلاء باتوا يفهمون الإسلام والعالم العربي بشكل عميق وذلك يتطلب تبادلاً أكثر في الإتجاهين، لأن ثمة أناساً هنا ايضاً يفكرون بأن الغرب سيئ لأنه تدخل في بعض البلدان، وهذا ليس بصحيح».
ستشتاق غاي بعد مغادرتها الى «الضيافة اللبنانية والى الناس الودودين والمحبين وهذا شيء موجود في بلدان أخرى، لكن ليس بالمستوى نفسه»، تضيف: «لا يوجد بلد ثانٍ في العالم العربي على غرار لبنان، هناك أمور مختلفة كثيرة في هذا البلد الصغير يمكن اكتشافها يومياً، فأنا مثلا مشـيت في «درب الجبل» من جـزين الى القبيات وقوامها 400 كلم، كنت أخصص وقتاً لهذا الأمر في الأعوام الثلاثة الماضية، هذه السـنة اشـتركت مع أختي وأصدقاء في المشي في شمالي لبنان حول منطقة القبيات واكتشفت مناظر لم أعهدها في لبنان قبلاً، وهذه المنطقة لا تبعد من بيروت أكثر من ساعتين، وإذا قصدها اي لبناني سيجد نفسه في مكان مختلف تماماً».