لادي» تؤجّل تقريرها وانتخاباتها

«لادي» تؤجّل تقريرها وانتخاباتها: البحث عن دور غير تقليدي

 

تستعد «لادي» لمراقبة الانتخابات في السودان، وينشط أعضاؤها في الحملة المدنية لإصلاح القانون الانتخابي البلدي، في وقت لا تزال فيه الأسئلة عن دورها في الانتخابات النيابية الأخيرة مطروحة

مهى زراقط


لم تنتخب «الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات ـــــ لادي» أميناً عاماً جديداً، ولا ستة أعضاء جدد للهيئة الإدارية كما يفرض نظامها الداخلي، وذلك على الرغم من مرور أكثر من شهر على موعد هذا الاستحقاق. كما أنها لم تصدر تقريرها النهائي المتعلق بالانتخابات النيابية الأخيرة، على الرغم من مرور عشرة أشهر على انتهائها
، وصدور كلّ التقارير النهائية عن المنظمات الدولية والعربية التي راقبت الانتخابات.
لا إجابة واحدة عن سؤال «لماذا؟» حين يُطرح على أعضاء الجمعية المحتكّين بالوسائل الإعلامية. منهم من يعد بالإعلان عن التقرير «قريباً»، ومنهم من يضع تاريخاً محدّداً ويجدّده مع نهاية كلّ شهر. ومنهم من يطلب من السلطة الرابعة (الصحافة) أن تقوم هي بهذه المهمة، والسؤال عن التقرير «الذي عملنا عليه شهوراً ولم نرَ نتيجته بعد».
أما خارج الجمعية، فالشكوك هي التي تطغى على أحاديث المتابعين للملف. منهم من هو معنيّ بالانتخابات ويتوقع أن لا تجرؤ الجمعية على نشر الحقائق كما حصلت، وخصوصاً أن تقاريرها السابقة «تحتاج إلى تدقيق». ومنهم من شارك في عملية المراقبة ويشعر بأنّ عمله لم يلقَ الاهتمام المطلوب، بدليل بقاء الكثير من المخالفات في الصناديق ولم يبادر أحد إلى إيرادها ضمن معطيات التقرير النهائي. ومنهم أيضاً مراقبون مهتمون بالشأن العام يتساءلون عن حجم التمويل الذي حصلت عليه الجمعية، حيث تراوح الأرقام المتداولة بين مليون دولار و7 ملايين، «وعلى الرغم من ذلك خرجت الجمعية بعجز مالي»، يقول البعض. تضاف إلى كلّ ذلك معلومات عن تقرير داخلي كانت الجمعية قد طلبت من مراقبين خارجيين إعداده لتقويم عملها الداخلي والعام نهاية العام الفائت، وجاءت نتيجته «سلبية»، وفق ما يقول عدد من المطّلعين. تضاف إلى ذلك شكاوى عدد من أعضاء الجمعيات المنضوية في «التحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات» من «هيمنة لادي» على العمل.
إلّا أن كلّ هذه الأمور تبدو على هامش تحركات الأمين العام للجمعية زياد عبد الصمد، الناشط اليوم في «الحملة المدنية للإصلاح الانتخابي». يعقد مؤتمرات صحافية وينظّم تحركات إعلامية، في محاولة منه لإحداث حراك يؤكد إجراء الانتخابات البلدية، يشرح الإصلاحات المقترحة على قانون الانتخابات البلدية، ويتابع عمل الجمعية على الصعيد العربي.
لكنّ هذه «العجقة» ليست السبب الرئيسي الذي أجّل استحقاقين ديموقراطيين يفترض أن تحرص واحدة من أبرز جمعيات المجتمع المدني على إجرائهما في موعدهما: تقرير مراقبة الانتخابات الذي شارك فيه نحو 2500 متطوّع على الأقلّ، وانتخابات إدارية تمثّل عنوان «شفافية» الجمعية. هذا ما يقوله الأمين العام للجمعية زياد عبد الصمد، الذي يستمع إلى كلّ ما ورد أعلاه، فيؤكد بعضه ويوضح بعضه الآخر، إلّا أنه يذهب في إجابته إلى أبعد من ذلك حين يقول: «نحن نعيد النظر في مهمة الجمعية. لم يعد يمكننا الاكتفاء بهذا الدور التقليدي الذي كنا نقوم به، بل نبحث عن تطوير مهماتها بناءً على الاحتياجات».
بكلام آخر، لم يعد يُرضي «لادي» أن تكون مجرد «جمعية توثّق المخالفات»، علماً أنه الأمر الذي درّبت 2500 شاب على إجرائه، بل ترغب في التحوّل إلى مؤسسة تشارك في صنع القرار. لا يقول عبد الصمد هذا الكلام حرفياً، لكنه يُستشف من كلامه عن الدور الذي أدّته الجمعية من خلال مساهمتها في الإصلاحات المتعلقة بقانونَي الانتخابات النيابية والبلدية منذ عام 2005. وبناءً على هذا الدور، يبدو اختيار أمين عام جديد للجمعية مفصلياً «لأن دوره سيكون سياسياً في المرحلة المقبلة»، يقول عبد الصمد، مؤكداً أنه غير مرشح لهذا المنصب.
نبدأ من السؤال عن التقرير النهائي للانتخابات النيابية، فيؤكد عبد الصمد أنه «منجز». يشير إلى أربع أوراق وضعها على الطاولة أمامه ويقول: «ها هو». الأوراق تتضمن ملخصاً لما يتضمنه التقرير المؤلف من قسمين، ووصل عدد صفحاته إلى 125. يحمل الأول عنوان التحضيرات والإصلاحات الانتخابية، والثاني عنوان مراقبة الانتخابات النيابية 2009 والمخالفات الناتجة عنها. القسم الثاني مؤلف بدوره من خمسة فصول، أربعة منها تتناول الإعلام، فيما يحمل الفصل الخامس عنوان «تقرير المخالفات» وتندرج تحته المقدمة، مراقبة الانتخابات قبل يوم الاقتراع، ثم في يوم الاقتراع.
«
متى سنقرأه؟»، «لن أقول لك متى، بل كيف. نحن اليوم في مرحلة انعقاد الجمعية العمومية، وقد أعطت مهلة للهيئة الإدارية تسمح لها بمزاولة مهمّاتها إلى حين تحديد موعد الانتخابات البلدية. إذا أجريت هذه الانتخابات في موعدها أي ابتداءً من أيار، فسنراقب الانتخابات، ويتأجّل إعلان التقرير إلى شهر تموز، أمّا إذا تأجّلت الانتخابات البلدية، فسيكون الموعد أقرب، لكننا لم نحدّده بعد».
لكن لماذا هذا التأخير؟ بالنسبة إلى عبد الصمد، كانت «لادي» أمام خيارين بعد الانتخابات النيابية: «الخيار الأول هو إصدار تقرير يتضمن لائحة بمجموعة الانتهاكات، وهذا ما كانت الجمعية تقوم به عادةً، لكن في السابق كنا وحدنا من يقوم بهذا العمل، أمّا اليوم، فهناك العديد من الهيئات التي راقبت الانتخابات وأصدرت تقاريرها، لذا فضّلنا ألّا نخرج بتقرير يكون رقماً إضافياً، واتجهنا نحو الخيار الثاني وهو تطوير عملنا من خلال دراسة المعطيات المتوافرة بين أيدينا وتحليلها لنخرج بوثيقة لها قيمة تحليلية ومفتوحة على الإصلاح». هذا التقرير المنجز «يحتاج إلى موافقة بعض أعضاء الهيئة الإدارية حتى نصدره».
يُفهَم من هذا الكلام أن التقرير قد يأتي خالياً من ذكر المخالفات، ويكتفي بالتحليل العام. وهو الأمر الذي حصل مع إعلان التقرير الثاني للجمعية، حين انتظر الصحافيون «تقريراً دسماً» وخرجوا بقراءة عامة. يعزّز هذا الافتراض بحث عبد الصمد عن أهداف التقرير: «هل هو لإحداث فضيحة أم لتصويب المسار؟»، مؤكّداً الخيار الثاني قبل أن يستطرد: «لكن التقرير لن يخلو من المخالفات»، كما سيتضمن تقريراً مالياً مفصّلاً عن الأموال التي صرفتها الجمعية، والتي «لم تتجاوز المليون دولار. وليس صحيحاً ما يقال إننا خرجنا بعجز، لكننا أيضاً لم نخرج بمال إضافي».
أما عن التقرير الداخلي الذي أعدّ لتقويم عمل الجمعية، فلا ينفي عبد الصمد أنه عرض سلبيات عمل الجمعية، «ونحن لا نقول إنه لا ثُغَر في عملنا، سواء على صعيد العمل الداخلي المؤسساتي أو صورتنا إلى الخارج». من هذه السلبيات الخلل في العلاقة بين أعضاء الجمعية الـ500 ومحاولات إيجاد حلول لإبقائهم على اطلاع على مقرّرات الهيئة الإدارية، إضافةً إلى مأسسة الجمعية من دون ضرب روح التطوّع التي يقوم عليه عملها.

 

Reference: Al-akhbar.com