Baldati

تاريخ الهبّاريّة  www.hebarieh.org PDF تصدير لهيئة طباعة ارسال لصديق

الهبارية القديمة بلدة تاريخية مدفونة تحت التراب ، يعود تاريخها الى ماقبل الرومان. وكان ابناؤها يزورون المعبد المتواجد في وسط البلدة حاليا، ويقومون بطقوس عبادة الشمس . ويعتقد أن البلدة قد دمّرت ودفنت تحت التراب،  اما اثناء الحروب التي جرت في المنطقة ، او بفعل الزلازل التي ضربتها .

 

تعتبر الهبارية ممرا للسيد المسيح عليه السلام ، عندما صعد الى قمة جبل الشيخ (حرمون ) للتجلي واكتسبت بذلك اهمية اضافية . وجرت في  البلدة معارك عديدة وكبيرة في ايام الفتح الاسلامي بقيادة ابا ذرّ الغفاري  وسقط شهداء كثر على أراضيها . كما انها كانت معبرا لجيوش صلاح الدين الايوبي في طريقه الى فلسطين حيث التحق عدد من أبنائها به ، وأستقر في البلدة عدد من أفراد الجيش بعد انتهاء المعارك ليبقوا الى جانب قبور شهدائهم  التي لا تزال ظاهرة حتى يومنا هذا.

 

واثناء حصول معركة سوق الخان بين المعنيين والشهابيين  قدمت اعداد كبيرة من الاردن وسوريا لمساعدة الشهابيين واستوطن عدد كبير منهم في البلدة ، وبذلك  يكون ابناء الهبارية مزيج من عرب الاردن وسوريا واليمن وبعلبك في البقاع اللبناني .

 

وقد سميت الهبارية بهذا الأسم نسبة الى " الوليمة بعد الدفن"  أو " الثرثارون " كما جاء في الكتب  القديمة . وتمتاز الهبارية بموقعها الجغرافي في نقطة وسط في المثلث اللبناني السوري الفلسطيني في السفح الغربي لجبل الشيخ وتمتاز عن غيرها من جيرانها من البلدات بأنها بلدة تاريخية بامتياز وتشهد على ذلك القلاع والحصون والمعابد المنتشرة في جميع ارجائها ، كما تمتاز هذه البلدة بمناخها المعتدل وطبيعة ارضها المعطأة ومناظرها الخلابة ، إضافة الى كرم اهلها وطيبتهم وتمسكهم بأرضهم ودفاعهم عنها ، الى جانب علاقات اهلها الطيبة مع جيرانهم ومحبتهم لقريتهم وحماستهم للعمل الاجتماعي والنشاطات الثقافية والوطنية .

 

 تمتاز الهبارية بانها بلدة وادعة هادئة تربض في السفح الغربي لجبل الشيخ تبلغ مساحتها حوالي 30 كلم مربع وتبعد عن بيروت 110 كلم، وترتفع عن سطح البحر ابتداء من 600 مترا و يصل ارتفاعها عن سطح البحر في معدل اقصاه ا160م .

يبلغ عدد سكان الهبارية 6000 نسمة مسجلين على لوائح النفوس بينهم 2200 ناخب  .

 

 تمتاز الهبارية بجغرافيتها حيث تمتد اراضيها الى الحدود مع سوريا وفلسطين وفيها احراش صنوبر وسنديان اضافة الى كروم الزيتون والاشجار المثمرة التي يصل عددها الى حوالي 600 الف شجرة  من جوز وتين وخوخ وكرز وجنارك ورمان وماشابه .

 

         وللهبارية تاريخ عريق وهذا مايستدل عليه من المغاور والكهوف  والنواويس المنحوتة بالصخر والمنتشرة على أراضي البلدة ، وهناك عدة ابراج صليبية ورومانية واهمها المعبد الموجود في وسط البلدة والذي يحظى باهتمام خاص من قبل المجلس البلدي والاهالي  والجمعيات الأهلية ، وقد إنتهت اعمال الترميم والتنقيب ويتوقع ان يساهم هذا المعبد بجلب السياح الى البلدة وتحريك العجلة الاقتصادية وخاصة اذا تم ربطه بالمواقع السياحية الاخرى في البلدة وبلدات وقرى الجوار .

 

  ويرجح  ان سكان الهبارية يرجعون في اصولهم الى عرب العشائر وقد جاؤوا من شمال شرقي الاردن وهضبة الجولان ومبرر هذا الترجيح ما تناقله السكان عن اجدادهم وكذلك تقارب العادات والتقاليد المتشابهة التي يتعاطاها هؤلاء السكان في هذه المناطق .

 

للهبارية الحديثة تاريخ وطني مشهود له فأستقبلت البلدة اعدادا كبيرة من ابناء فلسطين بعد حرب عام 1948 ، وكذلك وقفت الى جانب المقاتلين في ثورة 1958 ، وشكلت مركزا لتزويد المقاتلين بالسلاح . وفي العام 1969 كانت الهبارية من اهم المواقع التي تواجد فيها المقاتلون الفلسطينيون وخاصة بعد اتفاقية القاهرة وكانت بمثابة مقر قيادة العرقوب  ومنطلق العمل المقاوم ضد العدو الاسرائيلي  . وعند اجتياح اسرائيل للمنطقة الجنوبية في لبنان عام 1978 و 1982 لم يتأخر ابناء البلدة في الالتحاق بصفوف  جبهة المقاومة الوطنية . فاعتقل العشرات منهم وزجوا في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني الغاشم  كما استشهد مقاومون عديدون من ابناء البلدة في مواقع نضالية مختلفة، وابعدت عائلات بأكملها من منازلها الى خارج المناطق التي كانت تحت سيطرة العدو الإسرائيلي وعملائه ودمرت بيوتهم واتلفت مزروعاتهم وتعطلت الحياة الإجتماعية، وتشتت العائلات ، وهاجر قسم كبير من أبنائها الى أربع جهات الأرض .

    يتسابق ابناء الهبارية على طلب العلم حيث ان نسبة المتعلمين فيها فاقت

 ال 85-90%  فتخرج منهم الاطباء والصيادلة ، والمهندسون ، والمحامون ، واصحاب الاختصاصات المختلفة ، ناهيك عن حملة الشهادات العليا والشهادات المهنية في مختلف الاختصاصات . كما ان عددا كبيرا من ابنائها التحق في المؤسسات العسكرية والامنية اللبنانية والقسم الآخر عمل في القطاع الخاص  .

 

         وخلال الحرب العالمية الاولى هاجر العديد من ابناء البلدة الى دول اميركا اللاتينية وخاصة الى البرازيل والارجنتين . ولايزال عددا كبيرا منهم تصل نسبتهم الى 30% من مجموع ابناء البلدة في المغترب ،وان قسما كبيرا منهم عادوا الى الوطن واقاموا علاقات أجتماعية وعائلية مع اهلهم وأقاربهم ، وسجلوا جميع ولاداتهم في دوائر النفوس اللبنانية بينما نجد ان القسم الاخر منهم لم يعد الى الوطن بل ذابوا في مجتمعاتهم وأعمالهم وأموالهم ، وانقطعت اخبارهم .

 

ومع بداية الحرب الاهلية اللبنانية ، هاجر عدد كبير من ابناء البلدة الى دول الخليج العربي، طلبا للعمل بعد ان انسدت في وجهم سبل العيش ، بينما نرى ان قسما آخر قد غادر الى كندا والمانيا وغيرها من دول اوروبا ، هربا من نار الحرب وسعيا وراء الامان  وقد بلغ نسبة هؤلاء حوالي 20% من مجموع السكان .

 

ساهمت الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة وكذلك سياسات الحكومات المتعاقبة والتي لم تبادر الى رفع الغبن والحرمان عن المنطقة الى تهجير عدد كبير جداً من أبناء الهبارية الى ضواحي بيروت والبقاع وصيدا سعياً للعمل والأمن والعلم ، وقد عمل هؤلاء في مجالات التجارة والصناعة ، وقسم كبير منهم في عمل في مطار بيروت والمرفأ .

واللافت ان اهالي الهبارية رغم تباعدهم الجغرافي إلا أنهم متكاتفون متضامنون وقد سكن غالبية الأهالي في ضاحية بيروت الجنوبية وتحديدا في منطقة الشويفات  في حي يعرف اليوم بأسم حي الهبارية  .

 

وبعد التحرير عاد سكان البلدة الى قريتهم فرحين بالإنجاز العظيم والذي ساهموا بإنجازه صموداً واعتقالاً وتهجيراً واستشهاداً ، ولكن انعدام فرص العمل وعدم توفر الجامعات حال دون بقائهم فيها ،  فنجد ان التهجير القصري اثناء الاحتلال الاسرائيلي قد تحول الى تهجير طوعي بعد التحرير  .

 

يعتمد اهالي الهبارية في معيشتهم بشكل اساسي على الموارد الزراعية التي تشكل حوالي 60% من المداخيل العامة النوعية الممتازة  .ويعتبر الزيتون المورد الاساسي للاهالي ,Iوهو من  النوعية الممتازة ، ويوجد في البلدة 4 معاصر حديثة للزيتون ،ويعاني الأهالي كثيرا من أجل تصريف المحصول ، رغم ان الزيت المستخرج يعتبر من افخر الزيوت في لبنان