«لادي» راقبت الانتخابات... فمن يراقبها؟

«لادي» راقبت الانتخابات... فمن يراقبها؟

  

بعد أكثر من عام أصدرت «لادي» تقريرها عن انتخابات 2009 (أرشيف ــ مروان بو حيدر)كرّمت «الجمعيّة اللبنانيّة من أجل ديموقراطيّة الانتخابات»، أمس، الوزير زياد بارود، كما احتفت بنتيجة عملها خلال العامين الفائتين اللذين راقبت خلالهما أكثر من استحقاق انتخابي، نيابي، بلدي، نقابي وطلابي... ربما لم يكن ينقصها إلا مراقبة انتخاباتها هي

مهى زراقط
وأخيراً، بعد انتظار جاوز العام، أطلقت «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات ـــــ لادي» تقريرها عن الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران 2009. كان يفترض أن يكون هذا هو العنوان الأبرز لاحتفال أمس الذي نُظِّم في قصر الأونيسكو، وخصوصاً أن عضو الهيئة الإدارية للجمعية أديب نعمة رأى في التقرير «مغامرة محسوبة، ووسيلة حوار مع المجتمع السياسي من وجهة نظر المجتمع المدني»، ما أوحى للمستمعين بأن لدى المجتمع المدني ما يدلي به في شأن تطوير الحياة السياسية والارتقاء فيها، وهذا هو المقصود فعلاً. إلا أن الحديث عن حوار من هذا النوع، بين مجتمع سياسي ومجتمع مدني، قد لا يكون مجدياً إذا كان المجتمع المدني يمارس ما تمارسه القوى السياسية، وخصوصاً في الاستحقاقات الانتخابية التي تعمل الجمعية من أجل ديموقراطيتها، عدا طبعاً عن مراقبة مخالفاتها. وهذا الأمر كان في اليومين الأخيرين مثار جدال بين عدد من أعضاء الجمعية، على خلفية انتخابات الهيئة الإدارية التي جرت في 17 تموز الفائت، والتي تقدّم ثلاثة من الخاسرين فيها بطعون تشكك بقانونيتها.
بغضّ النظر عن أحقية هذه الطعون أو عدمها، والتي سنعرضها أدناه، تجدر الإشارة إلى أن تعابير «المجتمع السياسي» ميّزت ردود مختلف الأشخاص المنتمين إلى «المجتمع المدني» الذين سألتهم «الأخبار» عن ملابسات العملية الانتخابية، بدءاً من طلب عدم النشر وتمنّي عدم إثارة الموضوع، مروراً بالسؤال عن المصادر التي سرّبت المعلومات، ومحاولة الضغط على بعض الأعضاء من خلال المطالبة بعدم الحديث كي لا «يُساء إلى سمعة الجمعية»، انتهاءً بالردود السلطوية «القانون يسمح بذلك ونحن طبّقناه». وهنا يجب وضع سطر أحمر تحت العبارة الأخيرة، إذا تذكرنا أن مجمل تقارير «لادي» المتعلقة بمراقبة الانتخابات كانت تذكر دائماً بأن المخالفة الأبرز في الانتخابات تبدأ من القانون.
بالعودة إلى الاستحقاق الانتخابي للجمعية، من المفيد التذكير بأن موعده القانوني كان مقرراً في شباط 2010. وكانت الدعوة إلى الانتخابات قائمة وترشح يومها نحو 10 أشخاص. لكن قراراً بالتأجيل اتُّخذ، وكان طريفاً أن يجيب الأمين العام للجمعية زياد عبد الصمد يومها عن سؤال بشأن قانونية التأجيل بالقول: «هو قرار قانوني، لكنه ليس أخلاقياً»، كما يذكر أكثر من عضو شاركوا في الجمعية العمومية يومها. إلا أن ما هو أكثر طرافة كان تزامن هذا التأجيل مع تحرّك الجمعية لمنع تأجيل الانتخابات البلدية. وقد رأت «لادي» في تقريرها الذي عرضت ملخصاً له أمس أن أحد إنجازاتها «انتزاع قرار بتنظيم الانتخابات البلدية في موعدها، رغم المحاولات التي سعت إلى عكس ذلك»، وخصوصاً أن «إصرار الجمعية على إجراء الانتخابات في موعدها إنما ينبع من تمسّكها باحترام القوانين ودستوريتها، واحترام حقوق الإنسان في الانتخاب وفي دوريتها». هذا هو إذاً موقف المجتمع المدني في حواره مع المجتمع السياسي، فهل طبّقه على نفسه؟
الإجابة هي كلا... فاقعة، وخصوصاً أن قرار التأجيل اتُّخذ في يوم الاقتراع، إذ فوجئ الأعضاء يومها برغبة في التأجيل تحت حجة استكمال النقاشات، فجرت الدعوة إلى جلسة ثانية اتخذ فيها القرار بالتأجيل وفتح باب الترشيح مجدداً «من أجل الإفساح في المجال أمام النساء للترشح». وعلى قاعدة العمل بما يجيزه القانون حتى لو لم تُجِزه الأخلاق، انتسب إلى الجمعية في الفترة ما بين شباط 2010 وحزيران 2010 أكثر من 25 عضواً، وفتح باب الترشيح مجدداً إلى الانتخابات المقرّرة في تموز. وهذا ما رفع عدد المرشحين من 10 إلى 20 انسحب منهم أربعة. وكان لافتاً أن يكون بين الفائزين اثنان انتسبا إلى الجمعية في فترة التأجيل تلك، وحظيا بمنصبي الأمين العام ونائبه: أسامة صفا ورندة أنطون.

تقدّم ثلاثة مرشحين إلى الهيئة الإدارية بطعون في قانونيّة الانتخابات

انطلاقاً من هذه المعطيات، تقدّم ثلاثة من المرشحين الخاسرين بطعون في الانتخابات، تتضمن عدداً من التفاصيل عن شوائب اليوم الانتخابي. تكتفي «الأخبار» بالإشارة إلى أبرزها، مثل افتقار عدد من المرشحين والمقترعين إلى الشروط القانونية لخوض الانتخابات أو الاقتراع سواء كان لجهة مهلة الانتساب، أو حضور الاجتماعات وتسديد الاشتراكات السنوية، إضافة إلى مخالفة المادة 2 من النظام الداخلي التي تفرض وضع جدول عام بأعضاء الهيئة العامة الثابتة عضويتهم ويحق لهم الترشح والاقتراع وعددهم محدود، وليس نشر أسماء الـ500 عضو ومنهم من يعدّ مفصولاً أو جمّدت عضويته لسبب أو لآخر بناءً على المادة 6 من النظام الأساسي. وهناك إشارة إلى مخالفة المادة 9 من النظام الداخلي المتعلقة بأصول الترشيح، والتي تفرض على المرشح أن لا يكون عضواً قيادياً في حزب أو تنظيم أو مجموعة ذات طابع حزبي أو أن لا يكون عاملاً ناشطاً في حملة أحد المرشحين.
وتشير المخالفة الأخيرة إلى الأمين العام الجديد للجمعية أسامة صفا، بصفته الأمين العام للمكتب السياسي لحزب الخضر اللبناني منذ عام 2008. وفيما لا تزال هذه المعلومة موجودة على الموقع الإلكتروني للحزب حتى تاريخه، أكد صفا لـ«الأخبار» أنه تقدّم باستقالته من الحزب عام 2009، كما قال إنه منتسب إلى «لادي» منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ما يسمح له بالترشح إلى الهيئة الإدارية وفق القانون. صفا، الذي كان مرشح وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، إلى هيئة الإشراف على العملية الانتخابية، ردّ بإيجابية على موضوع الطعون، معلناً أنه سيكون الموضوع الأول على جدول أعمال الهيئة الإدارية في 4 آب المقبل، مبدياً استعداده للسير في كلّ الإجراءات اللازمة لتوضيح الأمور «حتى لو استدعى الأمر في النهاية إجراء انتخابات جديدة».
أما المديرة التنفيذية للجمعية يارا نصار فقد أوضحت أن الجمعية ستؤلّف لجنة تدرس الطعون وتجيب عليها، مؤكدة أن ما ورد في الطعون مردود قانوناً. لكن، في أسوأ الأحوال، تبقى هذه الانتخابات «مطبوخة» برأي أحد المرشحين الخاسرين الذي يدرس قرار التقدّم بطعن هو أيضاً.
هذا الجوّ أثّر سلباً على الاحتفال الحاشد الذي شهده قصر الأونيسكو، والذي حضره الوزراء: زياد بارود، علي الشامي، جان أوغاسبيان، حسن منيمنة، والنائب غسان مخيبر، إذ خفّف من قيمة اللقطات المؤثرة التي حاولت الجمعية الاستفادة منها في عودة إلى صورة التأسيس قبل 14 عاماً، وعرضها على لافتات وزّعت على المسرح أبرز المحطات في عمر الجمعية. بل إن عدداً من الحضور، وهم من أعضاء الجمعية، كانوا يعلّقون على كلّ كلمة تصدر من طرف ليشرحوا مغزاها، ومنها على سبيل المثال إعلان زياد عبد الصمد خطة عمل الجمعية المستقبلية، التي يفترض أن يعلنها الأمين العام الجديد أسامة صفا الذي اضطر إلى الاختصار لأن دوره في الكلام كان في النهاية، أو عدم وجود إلا أمين عام واحد سابق للجمعية بين الحاضرين هو بول سالم، الذي صعد إلى المنصة لتسليم درع التكريم إلى الوزير بارود. وكان عبد الصمد قد طلب حضور الأمين العام السابق وليد فخر الدين، إلا أن الأخير كان قد انسحب من القاعة. أما المبادرة اللافتة فجاءت من بارود الذي قدّم للجمعية درع وزارة الداخلية، الذي أعلن التزام المهل القانونية لجهة التقدم بقانون للانتخابات النيابية وإنجاز العمل على اقتراع غير المقيمين «الذي لم يبق منه إلا الأمور التطبيقية».